ومسك الختام حديث الثقلين

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 17:50

روى هذا الحديث الفاصل والمرشد والدال على الخليفة الحق والمبيّن للأمة طريق الهداية خمسة وثلاثون صحابياً، ورواه عن الصحابة تسعة عشر من التابعين وصحّحه كثيرون من علماء السنة، وأصدر مجمع التقريب بين المذاهب في مصر رسالة أثبت فيها تواتر هذا الحديث في جميع طبقاته، وقد أخرجه المحدّثون بصيغ مختلفة نذكر منها:

» صحيح الترمذي: عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله(ص) في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول:
( يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا :كتاب الله وعترتي أهل بيتي ).

» وجاء في مسند أحمد بن حنبل عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله(ص):
( إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ).

» وجاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري عن زيد بن أرقم: لما رجع رسول الله(ص) من حجة الوداع نزل غدير خم، أمر بدوحات فأُقمنَ فقال:
(كأني قد دُعيتُ فأجبت إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال: إنّ الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن (ثم أخذ يد علي فقال): من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ).

» وجاء في إحياء الميت للسيوطي: أخرج الطبراني عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه قال: خطبنا رسول الله(ص) بالجحفة فقال: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا:بلى يا رسول الله. قال:فإني سائلكم عن اثنين:عن القرآن وعترتي ).

» وجاء في الصواعق المحرقة لابن حجر عن رسول الله(ص ) قال :
(
يوشكُ أن أُقبضَ قبضاً سريعاً فيُنطلقُ بي، وقد قدّمتُ إليكم القـــــول، معذرة إليكم إلّا أني مخلفٌ فيكم كتاب الله ربي عزّ وجلّ، وعترتي أهل بيتي-ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، فأسألهما ما خلفت فيهما ).

وأورد الكثير من العلماء هذا الحديث، ومهما اختلفت الصيغ فالمضمون واحد والهدف منه واضح، ألا وهو إعلام أخير للأمة من النبي الأكرم، فإن تمسّكوا بهذين الثقلين المعصومين فقد نجوا وإلّا فلا. فالنبي يُعلن هذا النبأ في أيامه الأخيرة بصيغة دقيقة وأمام أكبر جمع من المسلمين، وهو يأتي بمعنى الوصية التي لا بد من إعلانها خطابة وكتابة، فأُعلنت خطابة وحالت ظروف معلومة دون إعلانها كتابة.

ومن جملة المصادر التي دوّنت هذا الحديث :
(
صحيح مسلم - صحيح الترمذي - مسند ابن حنبل - المستدرك - الدرّ المنثور - جامع الأصول - المعجم الكبير - إحياء الميت - مجمع الزوائد - خصائص الإمام للنسائي - ينابيع المودة - مصـــابيح السنة - ذخائر العقبى - أسد الغابة - تفسير الخازن - فرائد السمطين - كنز العمال - الطبقات الكبرى - الصواعق المحرقة - المعجم الصغير - تاج العروس) ومصادر أخرى أضعاف ما ذكرنا.

وختاماً أقول بأنّ الأدلة التي ذكرناها ما هي إلا غيض من فيض، وليس المُراد سَرد كل ما ورد بهذا الشأن ولكن المُراد الإيجاز المُفيد وخيرُ الكلام ما قلّ ودلّ، ولا خير في كلام كثير تُغني عنه كلمة واحدة.

فالتمسك بهَدي الأئمة وموالاتهم ومودّتهم في النهج الإسلامي العلوي واجبٌ مقدّس لا مناص منه بدليل ما تقدّم وبدليل ما قال إمام الهدى عليه السلام:
(فأين تذهبون وأنّى تؤفكون، والأعلام قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يُتاه بكم بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم، وهم أزمّة الحق، وألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، وأوردوهم ورود البهم العطاش ).

يا آل محمدٍ يا خير الــورى نسبـاً   وأفضل الناس من عُجمٍ ومن عربِ
من كـان في هذه الدنيـا لـــه أرب   فحبّكـم يــا آل طــــه منتهــى أربـي
إنّ التقــرّب للمــولى بحبـــكــــم   يـوم المعـاد لـديـه أفضـل القُــربِ
فما توسّلت عن النــائبــات بكــم   إلّا تجلّـت همومي وانجلت كُـرُبي
العلّامة الجليل الإمام الشيخ سليمان الأحمد(ق).