واجب تعظيم شهر رمضان في وداعه كما عظّمناه في استقباله.

أُضيف بتاريخ الجمعة, 29/09/2023 - 13:30


واجب تعظيم شهر رمضان في وداعه كما عظّمناه في استقباله.

هذه الخطبة الآخرة من صلاة الجمعة في 07 أيّار 2021م
لفضيلة الشيخ تمّام أحمد حفظه الله
مسجد الإمام جعفر الصادق  \ قرية عين حفاض \ صافيتا

اللهم لا تجعله آخر العهد بصيامنا إياه، واجعلني مرحومًا ولا تجعلني محرومًا!

في طبع الإنسان أنّه إذا خرج من موقف إلى موقف، أو من مكان إلى مكان، رأى فيه صديقًا، أو شاهد فيه أهلًا، أو زار فيه مُحبًّا، أن يجعل لدخوله في ذلك المكان شعائر ما، وهي حُسن الاستقبال، وحُسن الترحيب، وأن يجعل لانصرافه شعيرةً ما، وسلوكًا ما، وهو حُسنُ الانصراف والتوديع.

وكذلك يجب أن يكون في هذه الأيام، لهذا الشهر الكريم حظٌّ عند عارفه وعند مُعظّمه من الإكرام ومن الاحترام ومن التقدير، كما كان له عند دخوله وإقباله.

كما كان من مزايا هذا الشهر الكريم، أنه يُستقبل بالقرآن الكريم، لأنّ القرآن الكريم نزل فيه فوجب على من يريد صومه ومن يريد تعظيم قدره أن يستقبله بقراءة القرآن، وأن يجعل في كل ليلة من لياليه وِردًا للذِكر وللطاعة، ليكون ممّن صام نهاره بكف الجوارح عن المعاصي، وصام ليله بكثرة التطوّع والذكر والابتهال والتوسل.

وإذا قد أشرف الشهر، وإذا قد آذن بالخروج فإنّ من حقه أن يُعَظّم في وداعه كما عُظّم في استقباله.

جاء في الأثر الشريف أن جابر بن عبد الله الأنصاري دخل على رسول الله  في آخر هذا الشهر، أو في آخر جُمُعَةٍ من شهر رمضان، فقال له  

(هذه آخرُ جُمُعَةٍ من شهر رمضان، فادعوا الله عز وجل ألا يجعله آخر العهد بهذا الصيام،
هذه آخرُ جُمُعَةٍ من شهر رمضان فودّعه وقُل اللهم لا تجعله آخر العهد بصيامنا إياه،
وإذا جعلته فاجعلني مرحومًا ولا تجعلني محرومًا،
فإنّه من قال ذلك فقد ظَفِرَ بإحدى الحُسنَيَين،
إمّا أن يُبَلِّغَهُ الله عزّ وجَلّ شهر رمضان من قابلٍ، أي من عامٍ مُقبل، وإمّا بغُفران الله ورحمته.)

إمّا أن يظفر بأن يُبَلَّغَ شهرَ رمضان في عامٍ مُقبلٍ جديد، وإمّا أن يكون هذا الدعاء سببًا في أن يُبلّغه غفران الله ورحمته.

في هذا اليوم هو آخر جُمُعَةٍ من جُمَعِ هذا الشهر الكريم، فلنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا فيه ممّن صامه فأحسَنَ صيامه، وممّن كفّ فيه جوارحه وجوانحه عن المعاصي فتُقُبِّلَت منه أعماله.

أن يجعلنا فيه من الذين استمعوا القول فاتّبعوا أحسنه، ومن الذين كلّما عَرَضَت لهم معصيةٌ ذكروا الله عزّ وجل، ومن الذين كُلّما أذنبوا استغفروا، وكلما أخطأوا تابوا.

أن يكون لنا في هذا الشهر ممّا عملناه، إن كان فيه تقصيرٌ أن يتداركنا الله عز وجل برحمته، ليغفر تقصيرنا، وإن كُنّا قد أسأنا فيه أن يغفِرَ إساءتنا، وإن كان قد بقيَ علينا من الطاعة شيء أن يُعيننا على أدائها.

وإذا بلَّغَنا شهر رمضان من قابلٍ أن يُبَلِّغنا إيّاه ونحن سالمون قادرون على طاعته، غير مُنصرفين عن أمره، ولا مُستكبرين عن طاعته، أو طاعة نبيّه وأوليائه.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ.

اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الشَّهْرِ، وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ مِنِ ابْتِدَائِهِ إلَى وَقْتِ فَنَائِهِ مِنْ مَلَك قَرَّبْتَهُ أَوْ نَبِيٍّ أَرْسَلْتَهُ أَوْ عَبْد صَالِح اخْتَصَصْتَهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَهِّلْنَا فِيهِ لِمَا وَعَدْتَ أَوْلِياءَكَ مِنْ كَرَامَتِكَ، وَأَوْجِبْ لَنَا فِيهِ مَا أَوْجَبْتَ لِأَهْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْنَا فِي نَظْمِ مَنِ اسْتَحَقَّ الرَّفِيْعَ الأعْلَى بِرَحْمَتِكَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَجَنِّبْنَا الالْحَادَ فِي تَوْحِيدِكَ، وَالشَّكَّ فِي دِينِـكَ، وَالْعَمَى عَنْ سَبِيْلِكَ، وَالإغْفَالَ لِحُرْمَتِكَ، وَالانْخِدَاعَ لِعَدُوِّكَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَإذَا كَانَ لَكَ فِيْ كُلِّ لَيْلَة مِنْ لَيَالِيْ شَهْرِنَا هَذَا رِقَابٌ يُعْتِقُهَا عَفْوُكَ أَوْ يَهَبُهَا صَفْحُكَ، فَاجْعَلْ رِقَابَنَا مِنْ تِلْكَ الرِّقَابِ، وَاجْعَلْنَا لِشَهْرِنَا مِنْ خَيْرِ أَهْل وَأَصْحَاب.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَامْحَقْ عَنَّا ذُنُوبَنَا مَعَ امِّحاقِ هِلاَلِهِ، وَاسْلَخْ عَنَّا تَبِعَاتِنَا مَعَ انْسِلاَخِ أَيَّامِهِ، حَتَّى يَنْقَضِي عَنَّا وَقَدْ صَفَّيْتَنَا فِيهِ مِنَ الْخَطِيئاتِ، وَأَخْلَصْتَنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم مِمَّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ صلاةً تقبل بها صلاتنا، وتُجيب بها دُعاءنا، وتغفر بها ذَنبنا، وتمحو بها سيّئاتنا، وتُغني بها فقرنا، وتجبُر بها كسْرنا، إنّك على كُلّ شيء قدير.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿النحل 90﴾ 

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.