طرفة الإسلام المتنقل - الخصيبي ودخول الجبال

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

ثم جاءت بمعلومات يتيمة في غاية الغرابة والطرافة، لتقول:

بأنّ المسلمين حينما فتحوا سوريا التجأ العلويون إلى الجبال حتى يتسنـّى لهم أن يعيشوا في حرية تامة ليمارسوا عباداتهم القديمة.

تريد بذلك أن تصفهم بالهاربين من المد الإسلامي.
أولم تعلم بأنّ سبب التجائهم بهذه الجبال همجية ووحشية حكـّام ذلك الزمان، ولكنها ناقضت نفسها بعد أسطر قليلة بقولها:

إنّ هذه الفرقة بالرغم مما بها من أفكار مغالية ذات أصل شيعي، تـُعَد إلى حد ما من الفرق الإسلامية ولكنها بدخولها سوريا انفصلت تماماً عن الإسلام.

فكيف تقول أنها بدخولها سوريا انفصلت عن الإسلام، بعد أن أكـّدت بأنـّها كانت في سوريا قبل أن يفتتحها المسلمون؟

ثم قالت:

إنّ الخصيبي هو الذي أدخلها سوريا.

فهل في عصر الخصيبي لم يكن الإسلام قد دخل سوريا بعد؟
وقد برّرت انفصالها عن الإسلام بانتقال الخلافة من دمشق إلى بغداد!.
فهل هذا يعني أنّ البلاد السورية قد أصبحت خالية من الإسلام حين انتقال الخلافة منها إلى بغداد؟
وهل أنّ الإسلام مُتنقلٌ جَوّال مع تنقـّل الخلافة تارةً في سورية أيّام الأمويين وطَوراً في بغداد أيام العباسيين؟.

أم أنـّها تريد أن تصل إلى القول بأنّ الخصيبي العراقي المَولد بانتقاله من بغداد وإدخاله العلويين إلى سورية (على حسب قولها) انتقل الإسلام إلى بغداد هرباً منه!
وهل يعني هذا أنّ الإسلام لم يكن أيضاً في بغداد حينما كان الخصيبي مُقيماً فيها؟

ألم تعلم هذه الكاتبة أنـّها فاقت المؤرخين (فطنة) بأنّ الإسلام في ذلك العصر (أعني عصر الخصيبي) كان منتشراً في سوريا وبغداد وليس هو موقوفاً على مركز الخلافة.
وإنّ مركز الخلافة انتقل إلى بغداد عاصمة العباسيين قبل ولادة الخصيبي في جنبلا بمائة وثمان وعشرون سنة وإنه وُلد بالقرب من مركز الخلافة.
وإنّ الحسين بن حمدان الخصيبي الذي تصفه بأنـّه من أصل فارسي وُلِدَ كما قلنا في بلدة جنبلاء التي تقع ما بين واسط والكوفة وهما مدينتان عراقيتان وذلك سنة 260 هـ وتوفي في حلب سنة 347هـ، يوم الأربعاء لأربعة ليالٍ خلت من ذي القعدة، فتكون مدّة حياته ست وثمانين سنة، قضاها في نشر فضائل أهل البيت (ع) في عصرٍ كان البطشُ العباسي على أشدّه، ومُلاحقة العلويين قد بَلغَت الذُروة.
والخصيبي بخلاف ما ذهب إليه بعضُ المؤرخين من أنّه وُلد وعاش في مِصر فهو لم يدخل مصر مدة حياته بل انتقل من جنبلاء إلى بغداد حيث كانت أعظم أعماله الدينية، وأقام مدّة غير محددة هناك لينتقل إلى الكوفة ثم انتقل إلى حلب وبقي فيها مدّة قصيرة وانتقل بعدها إلى الشام ومن ثم عاد إلى حلب واستقرّ في ظل أميرها العادل سيف الدولة الحمداني، وهناك توفيَ ودُفن بعد أن صلى عليه سيف الدولة.

والخصيبي من أشرف أسرة في العرب وأفضل بيت من بيوتها، عريق بالفضل، والعلم والعمل، بعد بني هاشم، وهم آل حـمــدان الخصـيب الممدوحين من العلماء والشعراء والفلاسفة، شعراً ونثراً..