سورة الانعام الاية (142 -143 -144) .. تفسير آيات الكتاب لا يجوز إلا بالأثر الصحيح عن أهل العصمة عليهم السلام.. ترك المُباح ليس مَعصيةً، بل تحريمُهُ مَعصيةٌ، كما أنّ ترك الواجب هو عَينُ المَعصية.. كثيرون يستقذرون لحم الأُنثى ولا يستسيغون أكله...

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 16/07/2013 - 13:43

المرسل: ابراهيم يوسف في 28\05\2013م

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وأله الطاهرين وصحبه المنتجبين وبعد سادتي الافاضل اعلى الله مقامكم وبعد . لدى قرأتي في القرأن الكريم وفي سورة الانعام الاية (142-143-144- وبالاخص اية 143 اشكل علي فهما افيدونا مما علمكم الله جزاكم الله كل الخير وأعلا الله درجاتكم 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

  من المُسَلَّم به إنّ تفسير آيات الكتاب لا يجوز إلا بالأثر الصحيح عن أهل العصمة عليهم السلام والآيات المسؤول عنها هي التالية:

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [الأنعام:142] ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأنعام:143] وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَـذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام:144] ﴾ .

  تدل هذه الآيات على أنواعٍ من الحيوانات المُحَلّلة اللحم، وما يأتي منها من منافع كثيرة كالإستفادة من جلودها واستعمالها للنقل وما إلى ذلك.

  والأزواج الثمانية هي:
زوجين من الغنم الذكر والأنثى، وزوجين من المعز الذكر والأنثى، وزوجين من الإبل الذكر والأنثى، وزوجين من البقر الذكر والأنثى.

  وقد أراد الله إبطال أحكام المُشركين الذين كانوا يُحَلّلون ويُحَرّمون حَسَب أهوائهم، فجاءت الآية بصيغة السؤال التجهيلي لهم على لسان نبيّه: هل أَنّ الله حَرَّمَ الذكور منها؟ أم الاناث؟ أم أنه حَرَّمَ عليهم ما في بطون الاناث من المعز؟ ثم طالبهم بالدليل على صِحّة مزاعمهم.

  فالحلال والحرام أمرانِ توقيفيان على الله تعالى، فلا يجوز لمخلوقٍ أن يقول فيه إلا بالدليل القاطع.

  هذا من حيث المبدأ.

  أما من حيث التفاعل مع النص فليس كُلّ مُباحٍ لازمٌ فعلُهُ لُزوماً وجوبياً، فمن الناس من لا تقبل نفسه أكل شيء من هذه الأنعام، فهل يكون مخطئاً ومخالفاً للنص؟ بالطبع لا. فترك المُباح ليس مَعصيةً، بل تحريمُهُ مَعصيةٌ، كما أنّ ترك الواجب هو عَينُ المَعصية.
وكذلك الأمر فهناك الكثيرون ممن يستقذرون لحم الأُنثى ولا يستسيغون أكله، ولكن ليس على جهة تحريمه، بل لما ثبتَ عِلمياً من مَضارّه، ومنهم من يرى أنّ الابقاء على الأُنثى خيرٌ للإنجاب والتكاثر، وفي كل الأحوال فهناك فرقٌ بَيْنَ أن نُحَرِّمَ مُحَلّلاً أباحه الله، وبَينَ تركه لعدم قبول النفس له، لا اعتراضاً على أحكامِ الله.
ومثل هذا حدث مع رسول الله صلى الله عليه وآله حين قُدّم له لَحْمُ الضبّ، وهو حيوانٌ أكبرُ مِن القِطّ وأصغرُ مِن الكَلبِ، فامتنع عن أكلِهِ، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: لا أُحَرِّمُهُ لكنّني أستقذره لنفسي. والله أعلم.

حسين محمد المظلوم
15\7\2013