عن الصوم والجهاد لفضيلة الشيخ محمود الصالح عفى الله عنه.. أيها الجنود البواسل، أيها الأحرار الأُباة في كل مكان، أيها الإخوة والأبناء.. إنّ الصهاينة البُغاة مَلأتِ الخيلاءُ رؤوسُهم، ونفخت الغطرسة أوداجهم..

أُضيف بتاريخ الأثنين, 11/05/2015 - 15:29

ننقل لكم الحديث عن الجهاد من خُطبة عيد الفطر السعيد لفضيلة الشيخ محمود الصالح رحمة الله تعالى ورضوانه عليه.. وكان رحمه الله قد أوردها في مُلحَق كتابه (النبأ اليقين عن العلويين) المطبوع في تسعينيّات القرن الماضي صفحة (253-254-255).. نرجو لكم كل فائدة ومتعة.. 
(إدارة موقع المكتبة الإسلامية العلوية)

 

... إنّ فريضة الصوم كانت في السنة الثانية للهجرة وقبل فرض الجهاد، وعلى هذا فإنّ الصوم تهيئةٌ لنفوس المؤمنين، وشحذٌ لعزائمهم، وإعدادٌ لجوارحهم، وإمضاءٌ في عزمهم، وتصميمٌ على الجهاد الذي قد يفرض عليهم إعلاءً لكلمةِ دينهم، ورفعًا لمستواهم الإجتماعي، ودَفعًا لعدوّهم المُتَربّص بهم، ودرءًا لأخطارٍ قد تواجههم، وإذ ذاك فإنّ شهر رمضان فترةُ تدريبٍ يُمرَّنُ المؤمنون فيها على المقلومة والصمود، ويبعثون فيها قوى إرادتهم وصبرهم، ذودًا عن حِياضِ دينهم ووطنهم، وحمايةً لما تلزمهم حمايته من نفسٍ وعِرضٍ ومالٍ وما إلى ذلك وهذا هو الجهاد.

والجهاد على ضَربين:

  1. جهادٌ في الوطن لتطهيره من رِجس كُلّ دخيلٍ وعميل، ولحمايته من كُلّ غازٍ وغاصب.
  2. وجهادٌ في النفس لتقويم أودها وتطهيرها من خبيث الأفعال وذميم الصفات، وهذا أكبرهُما.

وكِلا الجِهادَين في سبيل الله، وهنا قد تبدو صورة المَعنى الآخر للصيام من خِلال كونه توطئةً وتمهيدًا لفريضة الجهاد.

والجهاد ضرورةٌ لازمةٌ اقتضتها المُثُلُ العُليا والإنسانيةُ الصحيحة، دفاعًا عن مبادئ الدين السامية وتعاليمه الحَقَّة، ودفعًا للظلم الذي قد يلحق بالمسلمين، من وطَنٍ سليبٍ وحُرّيَةٍ مفقودةٍ وكرامةٍ مَهدورةٍ، وما إلى ذلك من مَظالم ومَكاره قد تعرض لهم في أدوار حياتهم.

لقد فُرِضَ الجهاد لإعلاء كلمة الحق وبَسط راية العَدل، وإنصاف المظلومين، ونُصرَةِ المُستضعفين في الأرض تتخطّفهم أيدي الإثمِ والظلم، وإذ ذاك فما أحوَجَ العربَ والمُسلمين، بل ما أحوَجَ عُشّاق الحياة حُرَّةً كريمةً، والمُنادين بالعدالة الإجتماعية من كُلّ جِنسٍ ولون، إلى أداء فريضةِ الجِهاد، تجاوبًا مع الأمر الإلهي وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وتأديةً لحق الحياة في الضمير الإنساني الحَيّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.

  أيُّها الأُباةُ الأحرارُ في كُلّ مكان:

إنّ الصهاينة البُغاة مَلأتِ الخيلاءُ رؤوسُهم، ونفخت الغطرسة أوداجهم، لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ.
استباحوا قُدسيّة الشرائع السماويّة، وانتهكوا حُرُمات القوانين الوَضعيّة، وضربوا بوثيقة حقوق الإنسان ومُقرّرات الأُمَم المُتّحدة عُرضَ الجِدار، لا يثنيهم وازعٌ من ضمير، ولا مُراقبةٌ من وجدان، يأتون ما يأتون ولا يَخشَونَ حَسيبًا، فإلى مَ تركُ حَبلِهِم على غاربِهِم، وتخليتهُم وشأنهم، يَعيثونَ في الأرض فسادًا ويَعبثون بحقوق هذه الأُمّة ومُقَدَّراتِها، ويستهينون بالكرامة الإنسانية اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.

  أيُّها الجُنود البواسِل:

 الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا. (النساء\76)

وَطِّنوا نفوسكم على الرجوع إلى الله، وتجديد عهد الإيمان به والتصديق برسوله، والعمل بما شرّع الله في كتابه، والإمتثال لأمره الصادع بالحق،

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.

  اصبروا على قتال عدوّكم، وثِقوا بعدل قضيّتكم، وأجمعوا أمرَكُم، وخُذوا على البُغاةِ المَضيق، وسُدّوا عليهم أبواب ظُلمهم وفسادهم، ولا يرهبنّكم ما يمدّ المُستعمرون به عدوّكم من عدّةٍ وعَديد، فإنّ الله الذي نصر المؤمنين ببَدرٍ وهُم أذِلّةٌ، وكَفَى المؤمنين القِتال في غزاة الأحزاب، ما زال قويًا عزيزًا لا يُعجزه بَغي الصهاينة وأسلحة المُستعمرين، وإنّ القُدرة التي قصَمَ بها الجبابرة المُتكبرين لَهِيَ التي يَقدر بها أن ينصركم ويخذل عدوّكم، إذا أجبتم دعوته ولَبّيتُم نداءه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ.

  أيها الإخوة والأبناء:

أوفوا بعهد الله يوفِ بعهدكم، ولتطمئِنّ قلوبُكم بذِكرِهِ، واعملوا بأمرهِ وثِقوا بنصره.

كونوا وراء قادتكم، ومع جنودكم ومُقاتليكم، أعينوهُم بقوّة، واسترخصوا في سبيل نصرِهِم كُلَّ ثّمين.

وليَعتبر كُلٌّ منّا نفسه جُنديًا في المعركة ومُعَبّأً للقتال فلا فِرار من زحفٍ، ولا تخاذل من لِقاءِ عَدُوٍّ، ولا شُحّ في بذلٍ، ولا تلكُّأ في تضحيةٍ، ولا وَهنَ في عزيمةٍ، ولا ضعفَ في إرادةٍ، ولا تثبّطَ في هِمَّةٍ، ولا تقاعُسَ عن نُصرةٍ.

ليَمضِ كُلٌّ منّا إلى أداء واجبه في حقل اختصاصه، وإلى تعبئة نفسه لما هو مُيَسَّرٌ له ولتبق آثارُ الصيام وتأثيراته مؤثرةً فينا، وعالقةً في أذهاننا، ومُهَيمِنَةً على مشاعرنا، ومُتحكّمةً في سلوكنا، ومُنعكسةً على تصرّفاتنا، تمُدّنا بقوّة الإرادة ومَضاء العزيمة، والتوطين على الثَبات والصبر، وتُحيي فينا روح الأمانةِ والإيمان، وحُبَّ التضحيةِ والفِداء، وتغسل قلوبنا بمياه الإخاء والمحبّة، وتحمل نفوسنا الأمّارة بالسوء على التطهّر والتجرّد ونُكران الذات، وتطهّرنا في بوتقةِ الإتفاق والإتحاد من أصداءِ الإختلاف والتفرقة، وتَفِئُ بنا إلى ظلال الأمن والطمأنينة، تحت لواء الإسلام والإيمان، حيث بلوغ الصائم مَأمَنَهُ، وفوزه بنَيل رضوان ربّه وتلبيته نداء المُنادي لتناول الجائزة الكُبرى، يومَ إفاضةِ الرحمة وتوزيع المكاسب وأخذ المغانم واقتسام الجوائز التي عَناها النبي  بقوله من حديث: (حتى إذا طلع هِلال شوّال نوديَ المُؤمنون أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة)......