البنات حسنات والبنون نعمة، فالحسنات يُثاب عليها والنعمة يُسأل عنها.. أمّا كيفيّة ارتقاء المرأة فبالإيمان الثابت والعمل الصالح والإقبال على الله والإدبار عمّا سواه..

أُضيف بتاريخ السبت, 22/10/2011 - 17:01

المرسل: فاطمة 15\10\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ... الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ....
حضرة العالم الجليل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد العديد من الأحاديث الشريفة حول البنات والمرأة في الإسلام ومنها قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وأصحابه المنتجبين
" من كانت له ابنة واحدة فهو مقروح، ومن كان له ابنتان فيا غوثاه ، ومن كان له ثلاث بنات وُضع عنه الجهاد وكل مكروه، ومن كان له أربع بنات فيا عباد الله أعينوه، يا عباد الله أقرضوه، يا عباد الله أرحموه"
وكذلك الحديث الشريف "البنات حسنات والبنون نعمة، فالحسنات يثاب عليها والنعمة يُسأل عنها"
1) كيف نفهم هذين الحديثين؟
2) سمعت فيما مضى ما معناه "ضمنت للمرأة على الله الجنة إذا أحصنت فرجها وأكرمت ضيفها وأطاعت بعلها"
هل يكفي ذلك من بين سائر الفرائض؟
3) كيف ترتقي المرأة (الإنسان) بنفسها لتكون من أهل الخير والإيمان وممن يرضي الله عنهم؟
أرجو من حضرتكم أن تبينوا لنا الأحاديث الشريفة وأقوال الأئمة المعصومين علينا من ذكرهم السلام التي تتعلق بالمرأة؟
والحمد لله رب العالمين 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وأله.

  الأخت العزيزة فاطمة تحية طيبة وبعد:

  ليس كل ما رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وآله صَحَّ صُدوره وتيقن قطعيته وهذا غير خافٍ. والحديث الأول مَجهولُ المَتن والمَصدر فلا يُلزمنا ولا نُكلّف أنفسنا مُعاناة تفسيره.

  والحديث الثاني صحيح بامتياز وهو للإمام جعفر الصادق عليه السلام برواية ابن شعبة في تحف العقول، وبَيانه واضحٌ من حيث المَتن والمُؤَدَّى، فقد عَبَّرَ عن البَنات بـ الحسنات الموهوبة من الله تعالى والتي يُثاب العبد على حُسن التدبير فيما يتعلق بها من لُطف تربيتها وحِكمة إرشادها لما فيه صلاحها والاعتناء بكافة متطلباتها كونها أمانةً من الله مودوعَةً عند العبد وعليه أن يُرضي الله فيما استودعه، والبَنون نِعمةٌ موهوبةٌ يُسأل الإنسانُ عنها فيما صرفها وكيف وَجَّهَها.
ومن جماليات هذا الحديث رَوعة التشبيه ولَطافةُ التمييز وحكمةُ التقديم، وهو يَحتمل الشرح الكثير والتعليل الوَفير ولكنّي أحجمتُ لأنني بصَدد وضع كتابٍ يَبحث سائر شؤون المَرأة من حقوقٍ وواجباتٍ وفقهٍ ومُقتضياتٍ سيصدر قريباً.

  وبالنسبة للحديث الثالث فهو صحيح ولكن يجب أن ننتبه إلى أنّ المُفترضات مُضمرةٌ فيه والخُصُوصيّات ظاهرةٌ، بمعنى أنّه تناول الخصوصيات التي انفردت بها المرأة دون الرجل، أما المُفترضات فقد أُضمِرَت لبداهَةِ وُجُوبها واشتراك الرجل والمرأة في قيامها.
فهذه الأمور واجبة حتماً ببديهة العقل ونصوص الشرع مع وجوب القيام بالمفترضات الشرعية.

  أمّا كيفيّة الارتقاء فـ بالإيمان الثابت والعمل الصالح والإقبال على الله والإدبار عمّا سواه، ضِمن الطاقة المَمنوحة فالباري جلّ وعلا لا يُكلف نفسا إلا وسعها لها ما كسبت من الحسنات وعليها ما اكتسبت من السيئات فمن وَفّى ما عليه استحق ما له وما ربُّك بظلاّم للعبيد.

  أما الأحاديث الشريفة وأقوال الأئمة المعصومين المُتعلقة بالمرأة وشؤونها فكثيرة ووفيرة وتحتاج إلى بيانٍ، وسيكون لنا كتابٌ في هذا الخصوص كما تقدم.

ولا بأس من يَسيرٍ يسبق الكثير، فيكفي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بِهنّ خيراً في خطبة الوداع الأخيرة لقوله: (فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا)، وهذه التقوى المَطلوبة من أرقى درجات العدالة وأسماها، وذلك الخير المُوصى به جَماع الفضائل، وهذا القول السَنِي يَدْحَضُ الكثير من المَزاعم الباطلة التي ألصقها المُتعصبون بالمرأة، ولو أنّ المسلمين تابعوا الرسول فيما أمَرَ به لكانت الإنسانية في أرقى مَراتبها، ولكنّ أكثرَ أمراض الجاهلية ما زالت قائمةً في نفوس الكثيرين من الذين لم يَستضيئوا بنور الإسلام وسَماحتِهِ وعَدلِهِ الجَامِع غير المُختص بفئةٍ دون أخرى، بل يَشمل كُلَّ نَواحي الحياة الإنسانية فقد خاطب النوع الإنساني دون تمييزٍ ولم يكن التخصيص إلاّ في الفوارق التكوينية التي أوجدها الله، فتنوّع الخطاب بين تذكيرٍ وتأنيثٍ في خصوصيات فَردِيَّةٍ لا أكثر ولا أقل، أمّا الخِطاب الإيماني فقد جاء كُلياً والأمرُ بالواجباتِ شمل الجميع ولم يستثنِ أحداً على الإطلاقِ، ومن قال غير ذلك فقد اتّهَمَ الباري بالعبث والظلم.

  وها هو أمير المؤمنين عليه السلام يُؤكّدُ هذه الوَصيّة مُستنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول: الله الله في النساء وما ملكت أيمانكم، فإنّ آخر ما تكلم به نبيكم أن قال: أوصيكم بالضعيفين، النساء، وما ملكت أيمانكم.( من وصية امير المؤمنين لأبنه الحسن عليهما السلام).

  وها هو الإمام الجواد عليه السلام يشرح لنا كيفيّة مُبايعة النساء للنبي، فيقول: كانت مبايعةُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) النساء أن يَغمِسَ يَدهُ في إناءٍ فيه مَاء ثم يخرجها، وتغمس النساء بأيديهن في ذلك الإناء بالإقرار والإيمان بالله والتصديق برسوله على ما أخذ عليهنّ.
وهذه المبايعة التي أمر النبيّ بها قائمةٌ إلى يوم الدين تلزم كل امرأةٍ فُطِرَت على الإسلام.

والحديث يَطولُ في هذا المَجال ولا يُمكن الاستقصاء إلا في كتابٍ مُفرَدٍ، والسلام.

حسين محمد المظلوم
18\10\2011