الإيمان، الصحة النفسية، الصحة العقلية، التوتر والاكتئاب والقلق...

أُضيف بتاريخ الأحد, 31/03/2024 - 19:34

 

من الأسئلة الموجهة إلى جمعية بيت الهدى والتي أجاب عنها فضيلة الشيخ تمام أحمد حفظه الله


1. ماذا يحدث للإنسان إذا فقد الإيمان بالله وكيف يتقرب إلى الله؟

الجَوَابُ: إِذَا فَقَدَ الإِنْسَانُ إِيمَانَهُ، خَسِرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ، وَأَمَّا التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ، فَإِنَّمَا يَكُونُ بِالتَّوبَةِ وَأَدَاءِ الفُرُوضِ وَالنَّوَافِلِ، وَالاجْتِهَاد فِي الطَّاعَةِ.


2. ماذا يقول الإسلام عن الصحة النفسية؟

الجَوَابُ: كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ الّتِي تَعْنِي سَلامَةَ الإِنْسَانِ مِنَ القَلَقِ وَالعَصَبِيَّةِ وَالأَرَقِ وَالخَوفِ وَالشُّعُورِ بِاليَأْسِ وَالهَزِيمَةِ وَكُرْهِ الحَيَاةِ وَالهَمِّ وَالغَمِّ مُخْتَصَرٌ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَهِيَ قَولُهُ سُبْحَانَهُ: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. [سورة الرعد 28]. فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ وَيَشْعُرَ بِرَاحَةِ البَالِ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ ((سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ)).

وَذَلِكَ أَنَّ القَلَقَ وَالخَوفَ وَالهَمَّ يَنْشَأُ مِنْ كَثْرَةِ تَفْكِيرِ الإِنْسَانِ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا، وَقِلَّةِ قَنَاعَتِهِ بِأَنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ لا يَأْتِي بِالحِرْصِ وَلا يَذْهَبُ بِالكَرَاهَةِ، وَلِذَلِكَ نَهَى اللهُ عِبَادَهُ عَنِ الحُزْنِ عَمَّا لَمْ يُدْرِكُوهُ مِنَ المَالِ، وَعَنِ الفَخْرِ إِلاَّ بِطَاعَةِ اللهِ وَرِضَاهُ، فَقَالَ تَعَالَى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) [ سُورة الحَدِيد].

وَمِنَ الأَدْعِيَةِ الّتِي تُقَوِّي يَقِينَ المُسْلِمِ وَتُطَمْئِنُ قَلْبَهُ، دُعَاءُ الإِمَامِ السَّجَّادِ (ع):

((الحَمْدُ للهِ رِضىً بِحُكْمِ اللهِ، شَهِدْتُ أَنَّ اللهَ قَسَمَ مَعَايِشَ عِبَادِهِ بِالعَدْلِ، وَأَخَذَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ بِالفَضْلِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَفْتِنِّي بِمَا أَعْطَيتَهُم، وَلا تَفْتِنْهُم بِمَا مَنَعْتَنِي؛ فَأَحْسُدَ خَلْقَكَ وَأَغْمِطَ حُكْمَكَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَطَيِّبْ بِقَضَائِكَ نَفْسِي، وَوَسِّعْ بِمَوَاقِعِ حُكْمِكَ صَدْرِي، وَهَبْ لِيَ الثِّقَةَ لأُقِرَّ مَعَهَا بِأَنَّ قَضَاءَكَ لَمْ يَجْرِ إِلاَّ بِالخِيَرَةِ، وَاجْعَلْ شُكْرِي لَكَ عَلَى مَا زَوَيتَ عَنِّي أَوفَرَ مِنْ شُكْرِي إِيَّاكَ عَلَى مَا خَوَّلْتَنِي، وَاعْصِمْنِي مِنْ أَنْ أَظُنَّ بِذِي عَدَمٍ خَسَاسةً، أَو أَظُنَّ بِصَاحِبِ ثَرْوَةٍ فَضْلاً؛ فَإِنَّ الشَّرِيفَ مَنْ شَرَّفَتْهُ طَاعَتُكَ، وَالعَزِيزَ مَنْ أَعَزَّتْهُ عِبَادَتُكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَمَتِّعْنَا بِثَرْوَةٍ لا تَنْفَدُ، وَأَيِّدْنَا بِعِزٍّ لا يُفْقَدُ، وَأَسْرِحْنَا فِي مُلْكِ الأَبَدِ، إِنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدْ.)). 

وَاللهُ أَعْلَمُ.


3. كأنثى، كيف يعمل الدين على تحسين صحتنا العقلية؟

الجَوَابُ: الدِّينُ يَأْمُرُ الإِنْسَانُ بِالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ، وَبِهَذَا يُحَرِّضُهُ عَلَى التَّبَصُّرِ وَالانْتِفَاعِ بِعَقْلِهِ.

قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191). [سورة آل عمران].

وَقَالَ تَعَالَى: وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. [سورة الرّوم 24].

وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِ العَقْلِ، وَمِنْهَا قَولُهُ تَعَالَى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10). [سورة الملك].

فَدَلَّ بِهَذِهِ الآيَاتِ عَلَى أَنَّ العَاقَلَ هُوَ مَنْ عَرَفَ كَيفَ يُطِيعُ رَبِّهُ، وَمِنَ الأَحَادِيث الدَّالَّةِ عَلَى فَضْلِ العَقْلِ، قَولُ رَسُولِ اللهِ : ((إِنَّمَا يُدْرَكُ الخَيرُ كُلُّهُ بِالعَقْلِ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَقْلَ لَهُ)). وَاللهُ أَعْلَمُ.


4. وماذا يمكننا أن نفعل إسلاميًا لتحسين صحتنا خلال أوقات التوتر والاكتئاب والقلق؟

الجَوَابُ: أَوَّلُ مَا يَفْعَلُهُ المُكْتَئِبُ أَنْ يُحَاوِلَ الخُرُوجَ مِنَ الاكْتِئَابِ، كَأَنَّ يَقْرَأَ شَيئًا، أَو يَخْرُجَ فِي نُزْهَةٍ، أَو يُمَارِسَ رِيَاضَةً، وَأَفَضْلُ دَوَاءٍ للاكْتِئَابِ هُوَ تَجْدِيدُ الذِّكْرِ بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ أَو الاسْتِمَاعِ إِلَيهِ؛ لأَنَّ سَبَبَ الاكْتِئَابِ غَلَبَةُ الجَانِبِ المَادِّيِّ عَلَى الجَانِبِ الرُّوحِيِّ فِي الإِنْسَانِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.


أي سؤال جديد في هذا السياق سنضيفه هنا إن شاء الله. (إدارة المكتبة الإسلامية العلوية)