أَقْسَامُ الاِجْتِهَادِ وَدَرَجَاتُهُ .

أُضيف بتاريخ الجمعة, 15/10/2010 - 17:00

الاِجْتِهَادُ ـ لُغَةً ـ بَذْلُ الوُسْعِ .
وَاِصْطِلاحاً : اِسْتِفْرَاغُ الفَقِيْهِ الوُسْعَ ، لِيَحْصُلَ لَهُ عِلْمٌ ، بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ ، وَهُوَ بَذْلُ المَجْهُوْدِ ، فِي طَلَبِ المَقْصُوْدِ ، مِنْ جِهَةِ الاِسْتِدْلالِ .

وَالمُجْتَهِدُ : هُوَ الَّذِي بَلَغَ مَرْتَبَةَ الاِجْتِهَادِ ، فِي فَهْمِ الأَحْكَامِ الإِلَهِيَّةِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ : اِمْتَلَكَ قُدْرَةً عِلْمِيَّةً ، يَسْتَطِيْعُ بِهَا ، أَنْ يَسْتَنْبِطَ أَحْكَامَ الإِسْلامِ ، مِنْ أَدِلَّتِهَا ، وَهِيَ : الكِتَابُ ، وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، وَأَحَادِيْثُ المَعْصُوْمِيْنَ .

وَشُرُوْطُ الاِجْتِهَادِ : أَنْ يَكُوْنَ الفَقِيْهُ : عَارِفاً بِعَامِّ الكِتَابِ ، وَخَاصِّهِ، وَمُطْلَقِهِ ، وَمُقَيَّدِهِ ، وَمُحْكَمِهِ ، وَمُتَشَابِهِهِ ، وَمُجْمَلِهِ ، وَمُبَيَّنِهِ ، وَنَاسِخِهِ ، وَمَنْسُوْخِهِ ، وَعَارِفاً بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ، مُمَيِّزاً بَيْنَ الحَدِيْثِ القَوِيِّ وَالضَّعِيْفِ ، وَعَارِفاً بِأُصُوْلِ الدِّيْنِ ، وَفُرُوْعِهِ.

وَمِنْ حَيْثُ صِفَاتُ المُجْتَهِدِ ، فَقَدْ ذَكَرَهَا مَوْلانَا أَمِيْرُ المُؤمِنِيْنَ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، بِقَوْلِهِ :
" الفَقِيْهُ ـ كُلَّ الفَقِيْهِ ـ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ ، مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ، وَلَمْ يُؤيِسْهُمْ : مِنْ رَوْحِ اللهِ ، وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ : مِنْ مَكْرِ اللهِ ".

وَأَقْسَامُ الاِجْتِهَادِ :

الاِجْتِهَادُ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ : وَهُوَ بِدْعَةٌ بِالإِجْمَاعِ ، لأَنَّهُ إِذَا حَضَرَ النَّصُّ ، بَطَلَ الاِجْتِهَادُ ، لأَنَّ الاِجْتِهَادَ فِي هَذِهِ الحَالَةِ ، يُعَدُّ إِنْكَاراً للنَّصِّ الوَاضِحِ ، وَهُرُوْباً مِنْهُ وَهُوَ : بِمَنْزِلَةِ تَرْكِ المُحْكَمِ ، وَاِتِّبَاعِ المُبْهَمِ ، الَّذِي يَؤولُ إِلَى عَكْسِ النَّصِّ ، وَمُخَالَفَتِهِ .

الاِجْتِهَادُ لاِسْتِخْرَاجِ النَّصِّ : وَهُوَ المَعْمُوْلُ بِهِ ، عِنْدَ العُلَمَاءِ ، حِيْنَ يَخْفَى النَّصُّ ، وَهُوَ : القُدْرَةُ العِلْمِيَّةُ عَلَى اِسْتِخْرَاجِ الحُكْمُ الشَّرْعِيِّ ، مِنْ دَلِيْلِهِ المُقَرَّرِ لَهُ ، وَهَذَا مَنُوْطٌ بِالعُلَمَاءِ المُجْتَهِدِيْنَ الجَامِعِيْنَ شُرُوْطَهُ ، وَهُوَ : وَاجِبٌ كِفَائِيٌّ ، إِذَا قَامَ بِهِ فَرْدٌ ، سَقَطَ عَنِ الجَمَاعَةِ ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ تَقْلِيْدُهُ بَعْدَ التَّيَقُّنِ ، بِعَدَالَتِهِ ، وَأَعْلَمِيَّتِهِ .

الاِجْتِهَادُ فِي فَهْمِ النَّصِّ : يُقْصَدُ بِهِ فَهْمُ النَّصِّ الغَامِضِ ، مَعَ حُضُوْرِهِ ، وَاِسْتِجْلاءُ مَعَانِيْهِ ، وَتَفْسِيْرُهُ فِي حُدُوْدِ أُصُوْلِ قَوَاعِدِ المَذْهَبِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا الاِجْتِهَادِ بِـ : التَّفَقُّهِ ، وَهُوَ ـ أَيْضاً ـ وَاجِبٌ كِفَائِيٌّ ، يَقْتَصِرُ العَمَلُ بِهِ ، عَلَى عُلَمَاءِ الأُصُوْلِ وَالفِقْهِ ، لأَنَّهُ مِنَ الثَّابِتِ : نُقُوْلُ كَثِيْرٍ مِنَ النُّصُوْصِ الغَامِضَةِ وَالمُؤَكَّدِ صُدُوْرُهَا ، عَنْ الأَئِمَّةِ المَعْصُوْمِيْنَ ، عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، فَتَرْكُهَا يَذْهَبُ بِنَفْعِهَا ، وَيُؤَدِّي اللَّبْسَ إِلَى قَارِئِهَا ، إِذَا فَسَّرَهَا ، كُلٌّ عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ.
وَلِذَا : يَجِبُ عَلَى المُتَخَصِّصِيْنَ : إِيْضَاحَهَا للمُبْتَدِئِيْنَ .
وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا : إِجْمَاعُ أَكْثَرِ العُلَمَاءِ ، اِحْتِيَاطاً .

الاِجْتِهَادُ مِنَ النَّصِّ : يُرَادُ بِهِ اِسْتِخْرَاجُ نَصٍّ غَامِضٍ ، مِنْ نَصٍّ وَاضِحٍ ، وَذَلِكَ بِالمُقَارَنَةِ ، فَالمُوَازَنَةِ العِلْمِيَّةِ السَّلِيْمَةِ ، الَّتِي لا تُخَالِفُ الأُصُوْلَ ، أَوْ : تَؤولُ إِلَى القِيَاسِ .