تمهيد

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 03/11/2010 - 21:06

كان من شأن الإستقرار الذي أشرفت عليه النفوس في هذه المحافظة بعد عودتها إلى ذراعي الوطن الأم، أن فُتحَ لها باب الإلتفات –قليلاً- عن العمل السياسي إلى التفكير في النواحي الأخرى. مما يُهيّء المجتمع إلى التكامل الشامل الذي تقتضيه طبيعة العهد الجديد، وكان من فضيلة هذا الإلتفات تَنَبُّهُ طائفةٍ من مفكري هذه المحافظة إلى تكريم رجل كانت له يدٌ لا تُنكر في إيقاظ المواهب العاملة، لإعداد هذا الجو القومي في جزء كبير من هذه الأرض وتهيئته لحياة الإندماج في وحدة اجتماعية قومية ما بَرِحَت هدف المخلصين ووسيلتهم إلى استعادة أمجاد هذه الأمة.

ذلك الرجل هو ( الشيخ سليمان الأحمد )، وأما الطائفة الكريمة فحسبك أن تعرف أن على رأسها أحد بناة هذه الوحدة ورمز عملها القومي في هذه المحافظة، ومن يكون صاحب هذا الإسم غير ( السيد عبد الواحد هارون )!

شرّفتني هذه اللجنة بأن أكون واحداً من أعضائها ثم ضاعفت هذا التشريف فكلفتني بلسان رئيسها النبيل، أن أتولى تقديم هذه الشخصية المكرّمة إلى أذهان الأساتذة من المدعوين للإشتراك في تقديرها بكلمة تعبّر عمّا أعرفه ونعرفه جميعا من خصائص هذه الشخصية، وتكون سبباً للوقوف على بعض آثارها، التي قد يكون لظروف هذا المحيط الجبلي المتواضع الذي نشأ فيه الشيخ واستغرق معظم جهوده، بعض الأثر في حجب كثير مما يُدرك القريب إليه من سِعَة هذه الخصائص.

ولا ريب أن مثل هذه المهمة هي من الخطر بحيث ينوء بها كاهل مثلي فضلاً عن استعداده الخاص، لأسباب عديدة لعلَّ من أهمها طبيعة هذه الظروف، التي تجعل عمل المؤرخ المعاصر دقيق الحساسية كثير الحرج بما يُحاذره من شؤون ليس من المصلحة العامة تناولها في قليل أو كثير. ولا يُدركُ أهميتها إلا الذين يُشرفون من كثب على مرافق الحياة في هذا الجبل.

بيد أنني مضطر للخوض في هذا المضمار، بباعثين إثنين:

  • أولهمــا: واجب الأدب نحو هذه الشخصية المكرمة، التي أتيح لي أن أدرك من فضلها ما يفرض عليّ النهوض نحوها بأوفر قسط ممكن من التقدير والإعتراف بالجميل.
  • وثانيهما: واجب التلبية لنداء الثقة التي شرّفتني بها اللجنة الكريمة ورجائي من الله أن يقدّرني على القيام بهذا الواجب، الذي حَسْبُه استحقاقاً للطاعة والإستجابة أنه واجب.

على أنّ لي كلمة صغيرة قبل البدء في العمل أود لو يُعيرها القارئ بعض عنايته، ذلك أنني سأحاول جهد الإطاقة أن أجعل كلمتي اختصاصية في آثار الشيخ، وهذا ما يقضي عليّ بإغفال كثير من الشؤون التي قد يكون من حق البحث الإنصراف إلى معالجتها بشيء من التوسّع، إلا ما كان منها ذا علاقة وثيقة بهذه الآثار، كشيء لا مندوحة عن معالجته، وبذلك يكون عملي وسطاً بين طرفين.

ولا شك أن من هذه الشؤون الضرورية أن أحدثك قليلاً عن البيئة التي نجمت في تربتها هذه الشخصية لتتبيّن مدى فعلها وانفعالها في تلكم الآثار.