الرد على فتوى حمود بن عقلاء الشعيبي

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

القارئ الكريم، هذا الرد ورد في كتاب الحجة الكاملة بالأدلة الشاملة لمؤلفه فضيلة الشيخ حسين محمد المظلوم .
وتجد فِهرس الكتاب على يمينك.
(إدارة موقع المكتبة الإسلامية العلوية)


هناك عدّة عوامل كانت السبب المباشر في عدم اعتناق الإسلام بالنسبة للكثيرين ومن أبرزها:
الفتاوى التكفيرية المدرجة في عشرات الكتب القديمة والتي ما زالت تعيش في عصر ليس لها حق الظهور فيه، عصر التقدّم والعلم والحضارات المختلفة.

إنّ هذه الفتاوى وغيرها من القضايا الساخنة أبرزت الإسلام عند الآخرين بصورة سَلبية، ومن دون أدنى شك فهو بخلاف ذلك، وأسمى مِمّا نُسب إليه، ولكنّ الناظر إليه من بَعيد لا يرى حقيقته بل يحكم على الصُوَر والنتائج الماثلة أمامه.

فلو أنّ هذه الصَفَحَات المُظلمة والمُخزية طُويَت ودُثِرت لما لاح من الإسلام للآخرين إلا بَهاؤه وصَفاؤه ونَقاؤه وصُورَتُه المُثلى المَليئة بالمحاسن والمَفاخر والصِفات النادرة، التي تعشقها العقول، وتأوي إليها القلوب وترتاح لها النفوس، وإنّ هذه الحقيقة واضحة للجميع ويجب على الجميع العمل على هذا الأساس القويم إلا أنّه يعزّ على نفوس البعض التخلي عنها مع علمهم بأنّ في ذلك خدمة كبيرة للإسلام والمسلمين.
فالرجل الغربي حينما يُشاهد ويقرأ هذا الكمّ الهائل من التكفيرات سَيَنْفُرُ من الإسلام نُفوراً تاماً وسيظن أنّه بُنيَ على هذه الأسس غير المستقيمة (والعياذ بالله) حتى وإن كان في غاية الشوق إلى معرفته.

أما بقية القضايا التي لم يكن يتقبّلها في الماضي فقد بدأ يفهمها ويستسيغها، ولكن كيف سيتقبّل هذه المشاحنات المستمرّة؟
وبأي مذهب سيتمذهب وما من مذهب إلا وتعرّض لطعون الآخرين!
وهل يستطيع فهم الإسلام إبتداءً واستناداً ورجوعاً إلى معلوماته؟ بالطبع لا، ولذلك سَيَصْعُب عليه الأمر وسيَقع في دائرة المتشابهات وستقف أمامه عَقباتٌ عدّة لا يُمكنه اقتحامها وتجاوزها، وفي النهاية سيَهرب إلى البعيد نافراً من الإسلام والمسلمين.

والسببُ في ذلك تعصّب المُتعصّبين وانغلاق الرَجعيين أمثال هذا الشيخ الذي أقحم نفسه في ميدانٍ غير ميدانه وجاء بفتوى حديثة سُئل عنها، أو سأل نفسه فأجاب بنفسه نقلاً عن الذين سبقوه في منطق الإفتراء، مع العلم بأنّ التواصل مع المسلمين العلويين ليس بالأمر العسير وخصوصاً في هذا العصر عصر السرعة، ولكنه أبى إلا أن يُقلّد من دونِ تبيّن وبَصيرة، وأصرّ على أن يُفتي الناس برأيه من دون علمٍ ليتحمّل وزره وأوزارهم إلى يوم يُبعثون، لقول السيد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
( من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة والدين، ومن سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة والدين ) .

صيغة السؤال

وهذه هي صيغة السؤال كما جاء ويليه الجوابُ المشحون بالإفتراء:

من هم النصيرية؟
وإلى من ينتسبون؟
وفي أي تاريخ نشأت هذه الطائفة؟
وفي أي بلد تتواجد؟
وما هي ديانتهم؟
وما رأي علماء الأمة فيهم؟
وهل تجوز تهنئتهم بأفراحهم وتعزيتهم في أحزانهم بمصائبهم؟
وهل تجوز الصلاة على من مات منهم؟
أفتونا على هذه الأسئلة مأجورين... وجزاكم الله خيراً..

♦ قبل الإنتقال إلى استعراض الأجوبة نقف قليلاً لتسليط الضوء على هذه الأسئلة لنقول بأننا أصبحنا في القرن الخامس عشر الهجري وما زال التجاهل والتحايل والتعصب مترسّباً في نفوس الكثيرين من الذين لا يُريدون أن يعرفوا الحقيقة كما هي خالية من الأباطيل، بل يُصرّون على معرفتها مُشوّهة بحقد الحاقدين وافتراء المفترين.

فالمسلمون العلويون منتشرون في أكثر البلدان العربية وغيرها، ومؤلفاتهم دخلت إلى أكثر المكتبات الكبرى، وتواصل علماؤهم مع بقية العلماء، وأدباؤهم مع أكثر الأدباء، وبعد كل هذا الوضوح يأتي من يسأل عنهم متجاهلاً كل هذه المنظورات الصادقة والواضحة ليعتمد على مسموعات كاذبة، ولعله جاء حديثاً من المريخ فرآهم كجسم غريب عن بقيّة الأجسام فأراد أن يستفسر عنه ويتعرّف عليه فراح يطرح أسئلته المكررة دائما بدهشة واستغراب على شيخه الحاقد وأعتقد بأنّه نفس السائل. وهو في سؤالاته يُبرز لنا أقبح صور التعصب المقيت، فقد وصل به الأمر لأن يسأل عن جواز تهنئتهم بأفراحهم وتعزيتهم بأحزانهم، وهل بعد هذا الحقد من مزيد؟!.

ثم أننا لو تتبعنا سياق أسئلته لتبيّن لنا بأن السائل أجاب قبل المسؤول، فقد سأل عن القوم، ونسبتهم، وتاريخ نشأتهم، وأماكن وجودهم، وأصول ديانتهم، ورأي العلماء فيهم، فكان من الأصول أن يقف عند هذا الحد ليسمع الجواب فإن كان سلبياً فيتابع ليسأل عن جواز مواصلتهم في الأفراح والأتراح، ولكنه يبدو من خلال أسئلته الأخيرة بأنّه أجاب نفسه عن الأسئلة الأولى، وبهذا نستدل على أنّه قد كوّن فكرة مسبقة عن القوم ولكنه أراد إبرازها بصيغة الفتوى ليكون وقعها أكبر.

لقد اعتدنا على مشاهدة هذه المسرحيات المملة والتي يكررها القوم كلما طاب لهم ذلك، فقد اعتادوا تمثيلها وأصبحوا بارعين في ذلك، ولكن المشاهد العاقل يعرف بأنهم يُمَثلون وأنّ ما يراه أمامه صور خيالية مضحكة والعاملون عليها مُمِلون.

وبعد هذا أقول:
بأنّ السائل المنطقي يجب أن يسأل عن شيء لا يَعرفه وليس العكس، إلا في حال طلب الزيادة ولا مزيد في هذه القضايا إلا بالتواصل.
ويجب أن يسأل عن أمر غامض بصورة عامة وليس واضحاً كوضوح هذه القضية. وإذا سمع الجواب فيجب معرفة دليله ومقابلته مع الواقع بأمانة وتجرّد فإن وافق أخذ به وإن خالف طرحه جانباً.
ولم نجد شيئاً من هذه الأمور لا عند السائل ولا المجيب الذي يفترض عليه أن يعتمد الصدق والأمانة والدقة والشمولية وأن يأتي بالدليل الواضح.

نص الفتوى

وهذا هو الجواب كما نَصّه مُلفِقه:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد

فإن الإجابة على هذه الأسئلة تحتمل مجلداً ولكن سنختصر في الجواب :

» النصيرية طائفة من غلاة الشيعة نشأت في القرن الثالث الهجري، ودخل فيها طوائف كفرية من غيرها: كالباطنية والإسماعيلية والبوذية وغيرهم من الفرق الكافرة والمنحدرة من أصل مجوسي وهي تكثر في سوريا ولها وجود في البلدان المجاورة لسوريا، وهي تُنسب إلى رجل يُدعى محمد بن نصير النميري الذي ادّعى النبوّة وزعم أنّ أبا الحسن العسكري الإمام الحادي عشر من الشيعة كان ربا وأنّه هو الذي أرسله نبياً.
» أما ديانتهم فهي تقوم على معتقدات فاسدة وطقوس بالية ملفقة من اليهودية والنصرانية والبوذية والإسلام...

ومن هذه المعتقدات الفاسدة لهذه الطائفة :

أولاً:
الغلو في الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه والإعتقاد بأنّه إله ورب، وأنّه خلق السموات والأرض وجميع الكائنات ومن عباداتهم في الغلو بعلي رضي الله عنه قولهم: لا إله إلا حيدرة الأنزع البطين ولا حجاب إلا محمد الصادق الأمين ولا طريق إليه إلا سلمان ذو القوة المتين..
وبهذا القول يتبيّن أنّهم أكفر من اليهود والنصارى والمشركين لأنهم بعبارتهم هذه أسندوا الخلق والتدبير إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأما اليهود والنصارى والمشركون فإنّهم مقرّون بأنّ الله تعالى الخالق المدبّر المتصرّف بشؤون الخلق.

ثانياً:
» القول بتناسخ الأرواح: وهي أنّ الإنسان إذا مات خرجت روحه وسكنت بدن حيوان آخر، إما إنسان وإما حيوان على حسب سلوك الشخص الميت الذي خرجت منه، إن كان فاضلاً سكنت بدن حيوان فاضل، وإن كان سيئاً سكنت بدن حيوان حقير كالكلاب وغيرها.. وحقيقة هذا المذهب أنّ الدنيا لا تخرب ولا تنتهي وأنه لا بعث ولا جنة ولا نار، بل تستمر الأرواح بالتنقل من بدن إلى بدن إلى ما لا نهاية، وهذا المعتقد الفاسد أخذوه عن البوذية لأن من أصول مذهب البوذيين تناسخ الأرواح.
» ومن الأمور المتأصلة في مذهب النصيرية شدّة عدائهم للإسلام والمسلمين وبغضهم لهم ، ومن شدّة عدائهم للإسلام أنهم يلقبون الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإبليس الأبالسة ويليه في الإبليسية أبو بكر ثم عثمان ويحرمون من زيارة قبر النبي(ص وآله) لأن في جواره أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
» وهـذه الطائفة كانت محصورة في بلاد الشام لا يُمَكنون من الوظائف ولا من التعليم بناءً على فتوى صادرة بذلك من شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله وما زالوا كذلك إلى أن احتلت فرنسا بلاد الشام فأخرجتهم ولقبتهم بالعلويين ومكنتهم من المناصب الهامة بالدولة.
» أما رأي علماء الإسلام فيهم فهو الحكم عليهم بالخروج من الملة لما يقوم عليه مذهبهم من الشرك والقول بتناسخ الأرواح وإنكار البعث والجنة والنار.
» أما تهنئتهم بأفراحهم وتعزيتهم بمصابهم والصلاة على موتاهم فهذه أمور محرّمة ولا تجوز لمخالفتها قاعدة الولاء والبراء التي هي أصل مهم من أصول التوحيد.

هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حمود بن عقلاء الشعيبي. 25\ 3\ 1421 هجري.

  بعد استعراض صورة الجواب كما جاء بالحرف الواحد لا بد لنا من تعقيب صغير ومختصر على هذه المُفتريات التي جاء بها مُروّجها ونقلها عن كتب أسلافه الذين سبقوه في إلصاق هذه المفتريات بأهل الولاية بُغضاً بها وتعصباً على أهلها، وكان يستطيع هذا المُجيب العَجيب لو أراد الإنصاف أن يعتمد كتب القوم الموجودة في أكثر المكتبات العربية لا كتب خصومهم المليئة بالسفاسف الهمجية، وأن يحاور علماءهم وهم كُثر، والتواصل معهم ليس بالأمر العسير ولكنه أبى إلا أن يُقلد الحاقدين ويَنقل عن المُفترين، حتى جاءت فتواه شاردة عن الصواب مليئة بالإضطراب مشحونة بالحقد والسَباب، يَشمئز منها المُنصفون، ويُرحب بها الحاقدون، ويُصفق لها الفاسدون، وينهل منها المفترون، ويستغلها الطامعون.

ولهذا أقول
بأن هذا الرجل وغيره من أبناء جلدته لضعفهم وقِلة علمهم ومعرفتهــم واستغراقهم في تعصبهم لا يستطيعون مواجهة المسلمين العلويين وجهاً لوجه، لأنهم يفتقرون إلى المنطق السليم والدليل القاطع والحجة البالغة، ولأن هذا النهج العلوي مُحَصَّن بكتاب الله وسنة رسوله فلا يُمكنهم اختراقه وهَدم بنيانه، ولهذا نراهم يُلصقون به التهم الباطلة ويُهاجمونه من بعيد، ويُصرّون وبكل وقاحة على أنها من أصوله لكي يتسنى لهم طعن القوم وإشاعة المُفتريات بحقهم بين الناس وما ذلك في يقيني إلا دليلٌ على ضعفهم أمام حصن الولاية الذي لن ينهار بأعاصير الحاقدين ولأن أصولها بنيت على قواعد معصومة وأدلة مرقومة وحجج معلومة فهي باقية بحول الله وقوته.

  وبعد هذا البيان الصادع والمختصر الجامع أبدأ بتناول جزئيات هذه الفتوى ضمن فقرات مستقلة:

أولاً:

إنّ كل كلام أو بيان يفتتحه كاتبه بحمد الله يجب أن يَنْصَبَّ فيما يُرضي الله ويعود بالنفع لعباده، ويعتمد الصدق والدليل، وهذا ما يراه كل عاقل، وقد رأينا بأن هذا الكاتب اجتنب كل هذه الأصول وأتى بعكسها.

ثانيًا:

قال (بأن الإجابة تتطلب مجلداَ)
وأنا أقول مجلدات لو أراد أن يَنقل كل مُفتريات الأقدمين، وفي الوقت عينه فإنه بحاجة إلى مجلدات لو أنّه اعتمد ما كتبه المصنفون.

ثالثًا:

أما قوله أنّ (النصيرية طائفة من غلاة الشيعة)
فإنه يريد بذلك من الشيعة الغلاة، لأنه وفي اعتقاده يرى أنّ التشيع بصورة كلية هو غلو في الدين وقد صرح بذلك الكثيرون من علمائه، فمحبة أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين (ع) والقول بإمامتهم والإهتداء بهديهم والإقتداء بنهجهم يُعتبر عند بعض المتعصبين نوعاً من أشدّ أنواع الغلو، ولما لم يستطيعوا التصريح بذلك مباشرة ( وذلك لأن النصوص المتواترة والكثيرة بهذا الخصوص تحرجهم ) ألصقوا بأهل الولاية تهمة التأليه للأئمة، وقد أتيت على إيضاح ذلك في عدة مواضع ولا حاجة إلى الإسهاب.

رابعًا:

أما قوله (أنها نشأت في القرن الثالث الهجري ودخل فيها طوائف كفرية من غيرها)
فكلام سخيف، واستنتاج ضعيف ناتج عن عقل خفيف وتعصب كثيف وحقد مخيف، فالعلوية نشأت بأمر الله ووُلدت في بيت الله ونمت برعاية رسول الله، واكتست من آلاء رسالته، وسرت في قلوب أصحابه لاشتهار أدلته، وصرح باتباعها في مواطن عدّة، وأمر الأمة التزامها بشدّة، وكمل الدين بإعلانها، وتمت النعمة ببيانها، وقامت الحجة ببرهانها، ودخل في رحابها أجلاء الصحابة، وتغنى بجمالها بُلغاء الخطابة، وأنكر سناءها المتعصبون، وحارب وجودها الأمويون، وتابعهم في ذلك العباسيون، واستشهد في سبيلها العلويون، وافترى عليها الحاقدون، وقلدهم في ذلك الجاهلون، وستبقى ساطعة إلى يوم يُبعثون.

خامسًا:

أما قوله (أن أتباعها يكثرون في سوريا ولها وجــود في البلدان المجاورة)
فإحصاء غير دقيق لم يعتمد التوثيق لأن العلويين في تركيا خمسة أضعاف العلويين في سوريا ولبنان، ولكن هذا الرجل له مآرب من هذا القول لا تخفى على أحد.

سادسًا:

أما قوله (بأن هذه الطائفة تُنسب إلى محمد بن نصير الذي ادعى النبوة لنفسه والربوبية لإمامه العسكري(ع) )
فهذا الكلام تكرر كثيراً حتى أصبح مملاً وكله يعود إلى مصدر واحد تعرّش الحقد في قلبه، فمحمد بن نصير من رجالات هذا المذهب الشريف، وهو ثقة الإمام العسكري(ع) لم يقل في إمامه ولا في نفسه ما ألصقه الحاسدون لصرفه عن مقامه، وهذه الطائفة المؤمنة كما أوردنا تُنسَب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالولاية الحقة، وإبن نصير وغيره من السادة الثقات من أعلامها النبلاء وشيوخها الفقهاء الذين نشروا مذهب أهل العصمة في أصقاع البلاد وبين العباد ولهم الفضل الكبير على أبناء هذه الولاية العلوية.

سابعًا:

أما قوله (أن ديانتنا تقوم على معتقدات فاسدة وطقوس بالية ملفقة من اليهودية والنصرانية والبوذية والإسلام)
فأقول لهذا المتذاكي بأن ديانتنا إسلامية حقة، وعقيدتنا علوية محقة، ومذهبنا إمامي معصوم أخذناه عن المعصومين الذين رووه عن جدهم رسول الله (ص وآله) وما جاء عن المعصومين فهو عندنا صحيح وأما عند هؤلاء القوم فهو فاسد كما صرحوا بذلك، وكلٌ ينظر من حيث طبعه، وكلٌ مُلزمٌ برأيه، وكي لا يُقال بأنني أفتري على القوم وأتهمهم بما لم يقولوا فقد أوردت في كتابي (المسلمون بين واجب الإلفة وواقع الفرقة) الفتوى الصادرة عن مجمع البحوث التي تنص على عدم جواز التعبد بمذهب أهل البيت والتي جاءت رداً على فتوى الشيخ شلتوت فلتراجع.

ثامنًا:

أما (اتهامه لنا بالغلو في علي)
فتهمة قديمة ألصقها بنا المرتزقون لحجة تكفيرنا، ولتكون ذريعة للإفتاء بحقنا، وقد أسهبت بهذا الخصوص في عدّة مواضـع من كتابي هذا وغيره، ونلاحظ بأن هذا المقلد استدل على أننا أكفر من اليهود والنصارى والمشركين بحيث أنهم يقرون بأن الله تعالى الخالق المدبر المتصرف بشؤون الخلق ونحن حسب زعمه لا نقرّ بذلك، فلو تأملنا قوله بأننا أكفر منهم فهذا يعني أنّه يقول بكفرهم فكيف يحكم بذلك وهم على ما قال يُقرّون بما ذكر أليس في ذلك تناقض يدلّ على جهله بأصول التوحيد؟!.

تاسعًا:

أما (موضوع التناسخ)
الذي اعتبره بأنه من أصول مذهب البوذيين، وأصر على إلصاقه بنا فليعلم بأنه ليس من عقيدتنا، وقد قال به بعض أعلامه وشيوخه الأقدمين.

عاشرًا:

أقول لهذا المعادي للولاية وأهلها بأننا أعداء التعصب والمتعصبين، ولسنا أعداء الإسلام والمسلمين، وكيف نعاديه ونحن من أهله وناصريه، ورافعي رايته وتابعيه.

»   أما (بخصوص الخلفاء الثلاثة (رضه) ) فلا نلقبهم إلا بألقابهم المعروفة عند كافة المسلمين، ولا نتناولهم بأدنى سوء إلا أننا لا نقتدي بهم لأن الإقتداء بعلي وبنيه(ع) يغنينا ويكفينا.

»   أما زيارة قبر النبي (ص وآله) التي حرّمها إبن تيمية فلا نقصر بها ولا يمنعنا شيء عنها إذا سنحت الفرصة وتوفرت الظروف ولا علاقة لقبر الخليفتين بهذا الشأن كما يفتري هذا المقلد التائه.

حادي عشر:

»   أما قوله (بأن هذه الطائفة كانت محصورة في مكان في بلاد الشام)
فكلام صحيح، والسبب في ذلك تعصب المتعصبين الحاقدين أمثال إبن تيمية وغيره من الفقهــاء وقد اعترف هذا الكاتب بهذه الحقيقة، ولكن هذا لا يعني أنّهم لم يكونوا إلا في هذه الأماكن، وأنّهم قبل هذا الحصار المتعمد كانوا ينتشرون في أرجاء البلاد وحكموها مرات عدة ولكنهم لم يظلموا أحداً كغيرهم.

»   أما قوله (بأن فرنسا أخرجتنا منها ولقبتنا بالعلويين ومكنتنا من المناصب الهامة)

فكلام خيالي يفتقر إلى دليل وهو تلفيق صريح، لأن أول من ثار على هذه الدولة المستعمرة هم العلويون بقيادة قائدهم المجاهد الشيخ صالح العلي(ق) فهل من المعقول أن تكافئنا على إذلالنا لها وقتالنا لجنودها ورفضنا لوجودها ومخططاتها؟

»   أما (من حيث انتشار العلويين بعد هذا الحصر وبلوغهم المناصب الهامة)
فيعود إلى جهادهم المتواصل وعملهم الدؤوب، وصدقهم في حياتهم، وإخلاصهم لدينهم ووطنهم.

»   أما (التسمية) فهي تعود إلى أمير المؤمنين(ع) وقد أطلقها الرسول(ص وآله) في حديث له، إلا أنّ الحكام الجائرين والفقهاء المرتزقين أطلقوا علينا ما شاؤوا من الألقاب، وهذا لا يعني أنها لنا ولسنا ملزمين بها.

ثاني عشر:

»   أما قوله (بأن علماء الإسلام حكموا علينا بالخروج من الملة)
فكنا نتمنى لو أنه ذكر لنا أسماءهم ووصف لنا مراتبهم العلمية ومكانتهم عند المسلمين، وفي كل الأحوال فهذا الكلام باطل وعائد إلى مطلقيه ويُضرب به عرض الحائط، ولا قيمة عندنا لهؤلاء العلماء إن وُجدوا! وأعتقد بأنه يقصد علماء التعصب والحقد والرشوة الذين لا همّ لهم إلا إثارة الفتن لإرضاء السلطان المكلف بإعالتهم والإنفاق عليهم على حساب الدين ومن بيت مال المسلمين الكادحين.

»   أما مذهبنا الذي يصفه (بأنه قائم على الشرك وغيره)
فأقول بأنه قائم على الإقرار بالشهادتين والعمل بأحكام الدين من أصول وفروع وآداب إسلامية على نــهج أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين(ع) وهذا المذهب الحق هو الذي زهق جميع أنواع الشرك ومتشعباته.

ثالث عشر:

»   أما (تحريمه تهنئتنا وتعزيتنا بأفراحنا وأتراحنا)
فهو دليل على استغراق هذا المقلد ومن شاكله في أقبح أنواع التعصب، ومع ذلك فهذا شيء يُسعدنا بأن لا نتواصل مع من هذه صفاتهم لأن ذلك لا يُشرّف.

»   وأما (علماء المذاهب الأربعة)
فنحن وإياهم على صِلات طيبة في الأفراح والأتراح وهي قائمة على قدم وساق وهذا أمر منظور بصورة طبيعية.

»   أما (الصلاة على موتانا)
فهو واجب كفائي يقوم به من أوصى له المتوفى قبل وفاته ولسنا بحاجة إلى قوم حاقدين على الإسلام وأهله كي يصلوا على من مات منا.

* * *

فهذا ما تيسّر من الرد والتعليق على هذه الفتوى النافرة عن أصول الإيمان والإسلام، والناتجة عن قلب بلّدهُ الحقد وأعماه التعصب، وكنا نتمنى من هذا المُفتي بغير علم أن يَكتب ما يراه لا ما يسمعه، وأن يُزيل عن قلبه علائق الحقد ليرى بأنّ هذه الأمة التي يَفتري عليها هي أكثر إيماناً وإسلاماً منه، وأغنى أخلاقاً وأدباً بحيث أنها لم تتعدّ على الآخرين ولن تفعل حتى وإن شاهَدَت ما يُغاير منهاجها، فكلٌ حرٌ باختيار منهاجه ومذهبه، وفي أصولها أنّه ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ والحمد لله رب العالمين.