تعظيم النجوم

أُضيف بتاريخ الخميس, 04/09/2014 - 14:17

تعظيم النجوم


وَمِنْ أَوْهَامِهِ قَوْلُهُ :

(( في فترة رئاسة الجلّي للدعوة دخلت فكرة تعظيم النجوم التي كانت عند أهل حران .)). 1


بَيَانُ الوَهْمِ

أَقُولُ ـ وَاللهُ الهَادِي سَوَاء السّبِيْل ـ :

إِنَّ هَذَا الرّجُلَ يَكْتَفِي بِظَنِّهِ دُوْنَ يَقِيْنِهِ وَلَيْسَ الأَلْمَعِيَّ ، فَقَدْ تَوَهّمَ وَأَوْهَمَ ، وَخَلَّطَ فِي كَلامِهِ ، حَتّى إِذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ ، وَخُوْلِطَ فِي عَقْلِهِ خَرَجَتْ آرَاؤهُ وَقَدِ الْتَبَسَ فِيْهَا الحَابِلُ بِالنّابِلِ ، فَقَدِ اخْتَارَ لَنَا مَا أَرَادَ ، وَنَسَبَ إِلَيْنَا مَا يَشْتَهِي ، وَجَعَلَنَا مُوَحّدِيْنَ عَلَى طَرِيْقَةِ ابنِ عَرَبِيّ ، وَلَمْ يَكْفِهِ ذَلِكَ حَتّى جَعَلَنَا مُوَحّدِيْنَ عَلَى طَرِيْقَةِ إِخْوَانِ الصّفَا، وَاللهُ يَعْفُو عَنّا وَعَنْهُ، بِحَقِّ مُحَمّدٍ وَآلِهِ .

إِنَّ مَا نَسَبَهُ إِلَيْنَا مِنْ تَعْظِيْمِ النُّجُومِ ، كَلامٌ مُبْهَمٌ ، نَشَأَ مِنْ قِلّةِ اطّلاعِهِ عَلَى كَلامِ أَهْلِ البَيْتِ ، مَثَلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَثَلِ مَنْ لَمْ يَعْقِلُوا مَا سَمِعُوا، فَذَهَبَ بِهِمُ الظّنُّ كُلّ مَذْهَبٍ وَمِنْهُ قَولُ الإِمَام الصّادِق :

(( هؤلاء قَومٌ سَمِعُوا مَا لَمْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيْقَتِهِ ، وَلَمْ يَعْرِفُوا حُدُودهُ، فَوَضَعُوا حُدُوْدَ تِلْكَ الأَشْيَاءِ مُقَايَسَةً بِرَأْيِهِم وَمُنْتَهَى عُقُوْلِهِم ، وَلَمْ يَضَعُوها عَلَى حُدُوْدِ مَا أُمِرُوا بِهِ ...)). 2

فَإِنَّ أَهْلَ البَيْتِ الّذِيْن نَهوا عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ ، هُمُ الّذِيْنَ قَالُوا أَنّهُم النُّجُومُ الّتِي نَطَقَ بِهَا القُرْآنُ ، وَأَنّهُم السّمَاءُ وَالشّمْسُ وَالقَمَرُ ، وَلا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ إِلْمَامٌ بِالعَرَبِيّةِ سَعَةُ المَجَازِ وَالاِسْتِعَارَاتِ وَالكِنَايَةِ ، فَكَيْفَ تَضِيْقُ فِي التّأْوِيْلِ، وَهُمُ الّذِيْنَ نَطَقُوا عَنِ اللهِ ، وَكَانُوا ثِمَارَ النّبُوّة بَعْدَ رَسُولِ اللهِ .

فَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ حَرّان ، وَلا مِنْ أَهْلِ اليونَان ، وَإِنّمَا مِنْ مَعْدِنِ النّبُوّةِ، وَشَجَرَةِ العِلْمِ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْهُم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:  وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  . [ سورة النحل]

فَفِي كِتَابِ الكَافِي وفِي الأَمَالِي وَبِحَار الأَنْوَار وَمَجْمَع البَيَان وَتَفْسِيْر الصّافِي، قَولُ الإِمَام الصّادِق : (( النّجْمُ : رَسُولُ اللهِ وَالعَلامَاتُ هُمُ الأَئِمّةُ  )).3

وَفِيْهَا : (( النَّجْمُ مُحَمّدٌ (ص وآله) وَالعَلامَاتُ الأَوْصِيَاء ...)).4

وَفِيْهَا : النّجْمُ : (( هُوَ أَمِيْرُ المُؤمِنِيْنَ (عليه السلام) .)).5

وَفِيْهَا :

(( عَنْ سَلْمَان الفَارِسِيّ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ (ص وآله) فَقَالَ: مَعَاشِرَ النّاسِ إِنِّي رَاحِلٌ عَنْكُمْ عَنْ قَرِيْبٍ وَمُنْطَلِقٌ إِلَى المغيب ، أُوْصِيْكُم فِي عِتْرَتِي خَيْراً ، وَإِيّاكُم وَالبِدَعَ ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ، وَكُلّ ضَلالَةٍ وَأَهْلهَا فِي النّارِ ، مَعَاشِرَ النّاسِ مَنِ افْتَقَدَ الشَّمْسَ فَلْيَتَمَسّكْ بِالقَمَرِ ، وَمَنِ افْتَقَدَ القَمَرَ فَلْيَتَمَسّكْ بِالفَرْقَدَيْنِ ، وَمَنِ افْتَقَدَ الفَرْقَدَيْنِ فَلْيَتَمَسّكْ بِالنُّجُومِ الزّاهِرَةِ ، بَعْدِي ، أَقُولُ قَوْلِي وَأَسْتَغْفِرُ الله لِي وَلَكُم.

قَالَ : فَلَمّا نَزَلَ عَنِ المِنْبَرِ (ص وآله) تَبِعْتُهُ حَتّى دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَة ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللهِ سَمِعْتُكَ تَقُولُ : إِذَا افْتَقَدْتُمُ الشّمْسَ فَتَمَسّكُوا بِالقَمَرِ ، وَإِذَا افْتَقَدْتُمُ القَمَرَ فَتَمَسّكوا بِالفَرْقَدَيْن ، وَإِذَا افْتَقَدْتُم الفَرْقَدَيْنِ فَتَمَسّكوا بِالنّجُومِ الزّاهِرَةِ ، فَمَا الشّمْسُ ؟ وَمَا القَمَرُ ؟ وَمَا الفَرْقَدَانِ ؟ وَمَا النُّجُومُ الزّاهِرَةُ ؟.

فَقَالَ : أَمّا الشّمْسُ : فَأَنَا ، وَأَمّا القَمَرُ : فَعَلِيٌّ ، فَإِذَا افْتَقَدْتُمُوْنِي فَتَمَسّكوا بِهِ بَعْدِي ، وَأَمّا الفَرْقَدَانِ : فَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ ، فَإِذَا افْتَقَدْتُمُ القَمَرَ فَتَمَسّكُوا بِهِمَا ، وَأَمّا النُّجُومُ الزّاهِرَةُ : فَالأَئِمّةُ التّسْعَةُ مِنْ صُلْبِ الحُسَيْنِ (عليه السلام) وَالتّاسِعُ مَهْدِيُّهُم ...)).
6

وَفِيْهَا :

(( {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}. السَّمَاءُ : رَسُولُ اللهِ (ص وآله) رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَالمِيْزَانُ : أَمِيْرُ المُؤمِنِيْنَ (عليه السلام) نَصَبَهُ لِخَلْقِهِ...)). 7

وَفِيْهَا عَنِ الإِمَام الصّادِق :

(( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا . قَالَ الشَّمْسُ رَسُولُ اللهِ  بِهِ أَوْضَحَ اللهُ  للنّاسِ دِيْنَهُم ....

 وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا . قَالَ : ذَاكَ أَمِيْرُ المُؤمِنِيْنَ ، تَلا رَسُولَ اللهِ  وَنَفَثهُ بِالعِلْمِ نَفْثًا ...))
8

وَمِنْهُ تَعْرِفُ خَطَأ المُؤَلّفِ فِي قَوْلِهِ : (( في فترة رئاسة الجلّي للدعوة دخلت فكرة تعظيم النجوم التي كانت عند أهل حران .)).

فَمَا تَقَدّمَ لَيْسَ دَاخِلاً فِي فَتْرَةٍ وَلا نَشَاطٍ، وَلَيْسَ تَعْظِيْمًا للنّجُومِ كَمَا تَوَهّمَ المُؤَلِّفُ، وَإِنّمَا تَعْظِيْمٌ لِمَنْ عَظَّمَ اللهُ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِطْلاقُ اسْمِ الشّمْسِ وَالقَمَرِ وَالنّجْمِ فِي المَدْحِ وَالتّعْظِيْمِ مِنَ الشّائِعِ فِي فُنُونِ الكَلامِ، وَمَا كُلُّ مَنْ تَلَفَّظَ بِهَذِهِ الأَلْفَاظِ، عَبَدَهَا.

قَال ابنُ الرّومي :

أَبْلَجُ الوَجْهِ كَالهِلالِ بَلِ البَدْ   رِ بَلِ الشّمْس بَلْ فَقيدُ المِثَال 9

 

وَقَال ابنُ أَبِي حصينة :

وَهَلْ أَنْت إِلاّ الشّمْسُ مَا انْضَرَّ نُوْرُهَا   بِصَمْتِي وَلا زَادَتْ عُلىً بِتَكَلُّمِي 10


وَقَال القَاضي الجرجانِي فِي كِتَابِهِ ( الوَسَاطَة بَيْن المُتَنَبّي وَخُصُومه ) :

(( فَمَتَى نَظَرْتَ فَرَأَيْتَ أَنَّ تَشْبِيْهَ الحَسَنِ بِالشّمْسِ وَالبَدْرِ، وَالجَوادِ بِالغَيثِ وَالبَحْرِ، وَالبَلِيْد البَطِيءَ بِالحَجَر وَالحِمَارِ، وَالشّجَاع المَاضِي بِالسّيْفِ وَالنّارِ ... أُمُورٌ مُتَقَرّرةٌ فِي النّفُوسِ، مُتَصَوّرةٌ للعُقُول، يَشْتَركُ فِيْها النّاطِق وَالأَبْكَمُ، وَالفَصِيْحُ وَالأَعْجَمُ، وَالشّاعرُ وَالمُفْحَم ...)) 11

وَفِي نِهَايَة الأَرب :

(( وَقَدْ يُنْزِلُون الاِسْتِعَارةَ مَنْزِلَةَ الحَقِيْقَةِ، وَذَلِكَ أَنّهُم يَسْتَعِيْرُونَ الوَصْفَ المَحْسُوسَ للشّيءِ المَعْقُولِ، وَيَجْعَلُونَ كَأَنَّ تِلْكَ الصِّفَة ثَابِتَةٌ لِذَلِكَ الشَّيءِ فِي الحَقِيْقَةِ، وَأَنَّ الاِسْتِعَارَةَ لَمْ تُوْجَدْ أَصْلاً، مِثَالُهُ اسْتِعَارَتُهُم العُلُوَّ لِزِيَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى غَيْرِهِ فِي الفَضْلِ وَالقَدر وَالسّلْطَانِ، ثُمّ وَضْعُهُم الكَلامَ وَضْعَ مَنْ يَذْكُرُ عُلُوًّا مَكَانِيًّا، كَقَول أَبِي تَمّام :

وَيَصْعَد حَتّى يَظُنَّ الحَسُود   بِأَنَّ لَهُ حَاجَةً فِي السَّمَاء


وَكَقَولِهِ أَيْضاً :

مَكَارمُ لَجَّتْ فِي عُلُوٍّ كَأَنَّمَا   تُحَاوِلُ ثَأْراً عِنْدَ بَعْضِ الكَوَاكِب

  وَلِذَلِكَ يَسْتَعِيْرُونَ اسْمَ شَيءٍ لِشَيءٍ مِنْ نَحْو : شَمْسٍ أَوْ بَدْرٍ أَوْ أَسَدٍ وَيَبْلُغونَ إِلَى حَيْثُ يُعْتَقَدُ أَنّهُ لَيْسَ هُنَاكَ اسْتِعَارَةٌ، كَقَول ابن العميد :


قَامَتْ تُظَلّلُنِي مِنَ الشّمْسِ   نَفْسٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي
قَامَتْ تُظَلِّلُنِي وَمِنْ عَجَبٍ   شَمْسٌ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشّمْس


وَكَقَول آخَر :

أَيَا شَمْعًا يُضِيءُ بِلا انْطِفَاءٍ   وَيَا بَدْراً يَلُوحُ بِلا مُحَاقِ
فَأَنْتَ البَدْرُ مَا مَعْنَى انْتِقَاصِي   وَأَنْتَ الشّمْعُ مَا مَعْنَى احْتِرَاقِي


فَلَوْلا أَنّهُ أَنْسَى نَفْسَهُ أَنَّ هَا هُنَا اسْتِعَارَةً لَمَا كَانَ لِهَذا التّعَجُّبِ مَعْنىً، وَمَدَارُ هَذا النّوع عَلَى التّعَجُّبِ ...)) .12

وَقَالَ المَازندراني ـ فِي شَرْح أُصُول الكَافي ـ :

(( إِطْلاقُ النّجْمِ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَإِطْلاقُ العَلامَاتِ عَلَى الأَئِمّة يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الحَقِيْقَةِ؛ لأَنَّ النّجْمَ فِي الأَصْلِ : الظَّاهِرُ وَالطّالِعُ وَالأَصْلُ، وَالنّجُومُ : الظّهُورُ وَالطّلُوعُ وَهُوَ (ص وآله) ظَاهِرٌ مِنْ مَطْلعِ الحَقِّ وَطَالِعٌ مِنْ أُفُقِ الرّحْمَةِ وَأَصْلٌ لِوُجُودِ الكَائِنَاتِ، أَخْرَجَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ نُوْرِهِ وَأَظْهَرَهُ مِنْ مَعْدِن عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَجَعَلَهُ نُورَانِيّ الذّاتِ وَالصّفَاتِ لِرَفْعِ ظُلْمَةِ الجَهَالَةِ فِي بَيْدَاء الطّبَايع البَشَرِيّة وَفَيفاء اللّواحقِ النّاسوتيّة، وَالعَلامَةُ مَا يُعْرَفُ بِهِ الشَّيءُ وَمِنْهُ عَلامَةُ الطّرِيْقِ الّتِي وضَعَهَا صَاحِبُ الدّوْلَةِ وَالشّفَقَة عَلَى خَلْقِ اللهِ تعالى ؛ لِئَلاّ يَضِلَّ المُسَافِرُونَ، وَالأئِمّةُ (ع) عَلامَاتٌ للطّرُقِ الإِلَهِيّة وَالقَوَانِين الشّرْعِيّة وَالنّوامِيس الرّبّانيّة، وَضَعَهُمُ النّبِيّ (ص وآله) بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى؛ لِئَلاّ يَضِلَّ النّاسُ بَعْدَهُ بِالاهْتِدَاءِ بِأَطْوَارِهم وَالاقْتِدَاء بِآثَارِهم، فَالنّاسُ بِأَعْلامِهِم يَرْشدون وَبِهِدَايَتِهم يَهْتَدُون .)) 13

وَفِي كِتَابِ ( جَامع الأسرار ) للسّيِّد حَيدر آمُلي :

(( وَالحِكْمَةُ فِي هَذا المَثَلِ أَنَّ الوَلايَةَ نِسْبَتَهَا إِلَى النُّبُوَّةِ كَنِسْبَةِ القَمَرِ إِلَى الشّمْسِ، وَكَذَلِكَ نِسْبَةُ الوَلِيّ إِلَى النَّبِيِّ . وَوَرَدَ فِي اصْطِلاحِ القَومِ تَسْمِيَةُ الوَلايَةِ بِالوَلايَةِ الشَّمْسِيّةِ وَالقَمَرِيّةِ، وَالمُرَادُ بِهِمَا : وَلايَةُ النّبِيّ وَوَلايَةُ الوَلِيِّ، وَأَنْ يُعْرَفَ أَيْضاً أَنَّ نِسْبَةَ العُلَمَاءِ إِلَيْهِما كَنِسْبَةِ النّجُومِ إِلَى القَمَرِ أَو الشّمْسِ. فَكَمَا أَنّهُ لا يَكُونُ للقَمَرِ نُوْرٌ وَضِيَاءٌ مَع وُجُودِ الشّمْسِ وَأَنْوَارِهَا المُشْرِقَةِ، وَإِنْ كَانَ القَمَرُ مَوْجُوْداً، فَكَذَلِكَ لا يَكُونُ للوَلايَةِ ظُهُورٌ وَلا نُورٌ مَع وُجُودِ النّبُوّةِ وَالرِّسَالَةِ وَأَنْوَارِهِما المُشْرِقَة، وَإِنْ كَانَتِ الوَلايَةُ مَوْجُودةً.

وَكَمَا أَنّهُ لا يَكُونُ للنّجُوم نُورٌ وَضِيَاءٌ مَع وُجُودِ القَمَرِ وَأَنْوارِه الزّاهِرة، وَإِنْ كَانَتِ النّجُومُ مَوْجُودةً، فَكَذَلِكَ لا يَكونُ للعُلَمَاءِ قُدْرَةٌ وَلا ظُهُورٌ مَع وُجُودِ الأَوْلِيَاء وَأَنْوارهم مِنْ حَيث الوَلايةُ، وَإِنْ كَانَ العُلَمَاءُ مَوْجُوْدينَ : {ذَ‌ٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [سورة الأنعام ].

فَحِيْنَئِذٍ، لَمّا غَربتْ شَمْسُ النُّبُوّةِ وَالرِّسَالَةِ، فَلا يَكُونُ الظّهورُ وَالنّورُ إِلاّ لِقَمَرِ الوَلايَةِ وَبَعْض نُجُوم العُلَماء بِتَبعيّته. وَيَعْضِدُ ذَلِكَ كُلّهُ مَا أَشَارَ إِلَيْه النّبِيّ : (( أَنَا كَالشّمْسِ وَعَلِيّ كَالقَمَرِ وَأَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِم اقْتَدَيْتُم اهْتَدَيْتم.)) .))
14

وَفِي كِتاب ( دُرَر الأسْرار ) للسَّيِّد كَاظم الرشتي :

(( فَظَهَرَ فِي جَلال القُدْرَة أَمِيرُ المُؤمِنِيْنَ (عليه السلام)، وَحَمَل وَلايَةَ اللهِ الظّاهِرة للخَلْقِ بِمُحَمّدٍ (ص وآله)، فَسُمِّيَ عَلِيّاً (عليه السلام)؛ لأنّهُ اسمُ تِلْكَ المَرْتَبَةِ، وَلِذا كَان ذِكْرُ السّجْدةِ الّتِي تَحْكي تِلْكَ الرّتْبَةَ : سُبْحانَ رَبّي الأَعْلَى.

فَبَاطِنُهُما (( صَلّى اللهُ عَلَيْهِما )) كَمَا مَثّلْنا لَكَ، مثل العرش والكُرسي، وَظَاهِرُهُما فِي عَالَم الظّهور؛ مثل الشّمس والقَمر ..))
15

وَفِي مُقَدّمَة تَفسير البُرهان:
(( الشّمسُ ـ قَدْ وَرَدَ تَأْوِيْلُهَا فِي أَكْثَرِ المَوَارِدِ بِرَسُولِ اللهِ (ص وآله) وَقَدْ وَرَدَ بِعَلِيّ (عليه السلام) وَيَظْهَرُ أَيْضاً إِطْلاقُهَا عَلَى كُلِّ إِمَامٍ وَعَلى خصوص القَائم (عليه السلام) ...)).16

فَمَا فِي كَلامِ أَهْلِ البَيْتِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَرّان ، وَإِنّمَا مِنَ اللهِ رَبِّ العَالَمِيْن ، وَمَا فِي كُتُبِ العَلَوِيّيْنَ لَيْسَ مِنْ آرَائِهِم ، وَإِنّمَا مِنْ كَلامِ أَئِمّتِهِم ، وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُم ، فَالقَولُ قَولُ المَعْصُومِ النّاطِقِ عَنِ اللهِ ، وَلَيْسَ فِي تَوْحِيْدِ العَلَوِيّيْنَ غَيْرُ ذَلِكَ .

وَمَا زَعَمَهُ مِنْ عِبَادَاتِ أَهْل حَرّان، يُعَدُّ مِنَ الدّيَانَة البدائِية، وَمِنْه فِي قِصّة الحَضارة :

(( لَنْ يُتاحَ لَنَا قطّ أَنْ نَعْلم أَيّ الأشياءِ فِي هَذا العَالَم الفَسِيح كَان أَوّل مَعْبودٍ للإنْسانِ، وَرُبّما كَان القَمر بَيْن المَعْبُودات الأُوْلَى ..... وَلَسْنَا نَدْري مَتَى حَلّتِ الشّمْس مَحَلَّ القَمَر سَيِّدَةً عَلَى دَولةِ السّمَاءِ، عِنْد الدّيانةِ البدائية، وَرُبّما حَدَث ذَلِك حِين حَلّت الزّراعة مَحلّ الصَّيْد.... وَالسّمَاءُ نَفْسها كَانت إِلَهًا عَظِيمًا، تُقام لَها العِبَادة فِي تَبَتُّلٍ لأَنّها هِي الّتي تُنْزل الغَيْث أَو تَحبسه، وَكَثِيرٌ مِن القَبَائل البدائية يَسْتَعْمِل كَلِمَة (( الله )) لتَعني (( السّماء )) وَلَفْظ الله عِند (( اللوبارى )) و(( الدنكا )) مَعْناها المطر، كَذلك كَانت السّماء عِند المنغوليين هِي الإله الأَعْظم، وَكذلك الحال في الصّين، وفي الهند الفيدية أيضاً، معنى كلمة الله هو (( السّماء الوَالِدة )) ، واللهُ عند اليونان هُو زيوس أو السّماء (( مُرغِمة السّحاب )) وَهُو (( أهورا )) عند الفُرس ، أي السّماء الزّرقاء .....)) .17

وَلا يَأْخُذ العَلَوِيّون إِلاّ عَنْ أَهْل بَيْت رَسُول الله ، وَمَا خَالَف كِتَاب اللهِ وَسُنّة نَبِيّهِ، تَرَكُوه، سَوَاء أَكَان مِنَ الغَابِرِيْن أَم مِنَ الحَاضِرِين.


 


  • 1إخوان الصفا والتوحيد العلوي ص159.
  • 2دعائم الإسلام 1\91، وفي بحار الأنوارمج10\585 .
  • 3الكافي 1\263، وفي ترتيب الأمالي 3\205، وفي بحار الأنوار مج7\340ـ 559، وفي مجمع البيان 5 ـ 6\545، وفي تفسير الصافي 3\129، وفي معجم مجمع البحرين 908، وفي شرح أصول الكافي 5\260، وفي مرآة العقول 2\412.
  • 4بحار الأنوار مج10\401، وفي مسند الإمام الباقر3\173، وفي تفسير العياشي 2\277.
  • 5بحار الأنوار مج10\401، وفي تفسير العياشي 2\276.
  • 6بحار الأنوار مج15\ 468ـ 469، وفي مج7\339ـ340 ، وانظر ترتيب الأمالي 3\ 206.
  • 7بحار الأنوار مج7\338، وفي تفسير الصافي 5\107، و في تفسير القمي 2\322.
  • 8الكافي 8\ 48، وفي بحار الأنوار مج7\ 338 ، وفي تفسير الصافي 5\ 333، وفي تفسير القمي 2\422، وفي مرآة العقول 25\108، وفي مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 1 ـ 2\245، وفي شرح أصول الكافي 11\369، وفي إلزام الناصب 1\105، ومقدمة تفسير البرهان 433.
  • 9ديوان ابن الرومي 5\2067.
  • 10ديوان ابن أبي حصينة 1\311.
  • 11الوساطة بين المتنبي وخصومه 183ـ 184.
  • 12نهاية الأرب 7\55 ـ 56، وانظر كتاب الطراز 1\255.
  • 13شرح أصول الكافي 5\260.
  • 14جامع الأسرار 43.
  • 15درر الأسرار 122.
  • 16مقدمة تفسير البرهان 323، وانظر ص 433.
  • 17قصة الحضارة مج1\102ـ 103ـ 104.