الرد على مجموعة صغيرة من الأقوال لبعض العلماء تشبه الفتاوى

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

القارئ الكريم، هذا الرد ورد في كتاب الحجة الكاملة بالأدلة الشاملة لمؤلفه فضيلة الشيخ حسين محمد المظلوم .
وتجد فِهرس الكتاب على يمينك.
(إدارة موقع المكتبة الإسلامية العلوية)


مجموعة صغيرة من الأقوال
لبعض علماء السّنة تُشبه الفتاوى
لم يُقصد بها العلويون ولكن جامعيها سخّروها لخدمة أهدافهم
القاضية بتكفير العلويين.

يتضمّن هذا القسم مجموعة صغيرة من الأقوال لبعض محدّثي السنّة وعلمائها تشبه الفتاوى لم يُقصد بها العلويون حينها، ولكن جامعيها سخروها لخدمة أهدافهم القاضية بتكفير أهل الولاية.

  فأوّل هذه الأقوال لأبي حامد الغزالي حيث يقول في كتابه "فضائح الباطنية" :

والقول الوجيز أنه يسلك بهم مسلك المرتدين في النظر في الدم والمال والنكاح والذبيحة ونفوذ الأقضية وقضاء العبادات، أما الأرواح فلا يسلك فيهم مسلك الكافر الأصلي إذ يتميّز في الكافر بين أربع خصال المن والفداء والإسترقاق والقتل ولا يتميّز في حق المرتد.. وإنما الواجب قتلهم وتطهير الأرض منهم.

  وثانيها للإمام مالك:

» روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي (ص) ليس لهم إسلام، أو قال: نصيب في الإسلام. (السنة للخلال 2\ 557)

» وقال إبن كثير عند قوله سبحانه وتعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
قال: ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك (تفسير إبن كثير).

» قال القرطبي: لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين. (تفسير القرطبي).

  وثالثها للإمام أحمد بن حنبل:

» روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمّن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟
قال: ما أراه على الإسلام.

» وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال سمعت أبا عبد الله يقول: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض.
ثم قال: من شتم أصحاب النبي (ص) لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين. (السنة للخلال 2\557- 558).

» وقال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي(ص) قال: ما أراه على الإسلام.

» وجاء في كتاب السنّة للإمام أحمد قوله عن الرافضة: هم الذين يتبرّؤون من أصحاب محمد (ص) ويسبونهم وينتقصونهم ويُكفرون الأئمة الأربعة: علي وعمار والمقداد وسلمان وليس الرافضة من الإسلام في شيء.

» قال إبن عبد القوي: وكان الإمام أحمد يُكفّر من تبرأ منهم، ومن سبّ عائشة أم المؤمنين ورماها مما أبراها الله منه وكان يقرأ : يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

  ورابعها للبخاري:

قال رحمه الله: وما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يُسلم عليهم ولا يُعادون ولا يُناكحون ولا يُشهَّدون ولا تُؤكل ذبائحهم. (خلق أفعال العباد).

* * *

♦ يُلاحظ القارئ الكريم بأنّ هذه الأقوال تنصَبّ في تكفير من يُبغض ويَشتم الصحابة أو يرد على أحدٍ قوله، وهذه النتيجة المُدَمّرة التي تُخرج كافة المسلمين من الإسلام تقتضي بحثًا مقتضبًا فيما يخص هذه القضية، وتتطلب تقسيم الموضوع إلى عدّة أقسام.

  1. أوّلاً: لقد أصر القوم على اتهامنا بأننا نشتم الصحابة.
  2. ثانياً: لقد استنطقوا شواهدهم الحصرية فدلت على تكفير من يشتم الصحابة.
  3. ثالثاً : لقد وصلوا إلى نتيجة تقول بأنّ العلويين كفرة لأنهم يشتمون الصحابة، ووسموهم بالرفض كي تنصَبّ هذه الأقوال عليهم، ثم حاصروهم من جهة ثانية بقولهم بأن من رد قول أي صحابي فهو كافر كي لا يُفلِتَ أحدٌ من دائرة تكفيرهم، ونسوا بأنّ الدائرة تُحيط بهم أيضًا.

وهنا نسأل: هل صحيح بأن من يشتم الصحابة يُعدّ كافراً؟

وقبل الإجابة على هذا السؤال تأتي أسئلة أخرى لتطرح نفسها:

  • من هم الصحابة؟
  • وما تعريف الصحبة؟
  • وهل كل أصحاب الرسول  عدول؟
  • وهل كل من سُمِّيَ صحابيًا صحّ له ذلك ووجبت عدالته؟

والإجابة في غاية الصعوبة لوجود متناقضات، ولأن هذا يقتضي بحثًا مُفصّلاً وتنقيبًا شاملاً في كل الكتب المختصة في هذا المجال، ولكننا لو سلّمنا جدلاً بصحة هذه المَقولة فنستطيع القول بأنّ من سبّ عليًا فهو كافر بدليل أنّه أفضل الصحابة عندنا، ومن أجِلّاء الصحابة عندهم مع العلم بأنّ هذا الإمام هو الوحيد الذي قال فيه السيد الرسول : (من سبّ علياً فقد سبّني ومن سبني فقد سبّ الله).

وهذا الحديث رواه علماء الفريقين، ومن المعلوم بأنّ الذين سبّوه وتبرؤوا منه وردّوا أقواله وبغضوه كثيرون، فهل يقبل علماء القوم أن نحكم عليهم بالكفر جملةً وتفصيلا!؟
أم أنهم سيقولون لنا أنهم اجتهدوا فأخطأوا فلهم أجرٌ واحدٌ لا أجرين!، وهنا نقول:

  • فلنُسَلّم جَدلاً بأنّ المُسلمين العلويين يشتمون بعض الصحابة وقد اجتهدوا في ذلك وأخطأوا أفلا يكون لهم أجرٌ كغيرهم أم لا!؟
  • وهل يجوز تكفيرهم على اجتهادهم ولا يجوز تكفير الآخرين!؟
  • ومع كل هذا فالعلويون لا يشتمون الصحابة فكيف يجوز الحكم عليهم على أساس الظن وبحكم باطل!؟

إنّ هذه المقولات ليست دقيقة وهي بحاجة إلى نظر صحيح .

  • فليس كل الصحابة بمنزلة واحدة حتى يتساوون بحُكمٍ واحد.
  • وليس كل صحابي عَدْلٌ حتى يُدرج مع العدول.
  • وليس كل من أسماه قومه صحابيًا صَحَّت صحبته وحُفظت كرامته ووَجبت طاعته وحُرِّمَت غيبته.

»   فالبعض يرى أن مروان بن الحكم صحابيٌ مع أنّه لم يشاهد الرسول  وكيف شاهده وقد نفى الرسول  أباه الحكم بن العاص حينما كان صغيرًا ولذلك لم تثبت صحبته، ولم يرجع إلا في عصر عثمان بن عفان، ولم يسمح الخليفتان أبو بكر وعمر برجوعه فهل نستطيع اعتباره من الصحابة ونُكفّر من يَشتمه أو يَردّ قوله أو يُبغضه!.
وقد كان الإمام يُبغضه لبُغض الرّسول له ولأبيه، وهو معروفٌ بعداوته لبني هاشم وخصوصًا أمير المؤمنين  الذي لا يُبغضه إلا مُنافق.
وقد رُوِيَ أنّ السيدة عائشة قالت له: أما أنت يا مروان فقد لعنك الرسول وأنت في صلب أبيك!
فهل يصح أن نساويه ببقية الصحابة الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم مع رسول الله  وأخلصوا في طاعته؟!
بالطبع لا لأن ذلك لا يتفق مع منطق الإسلام وعدالته، ولا يرضاه عاقل يؤمن بالله.

»   وهل نستطيع أن نُنزل معاوية في منزلة حجر بن عدي الصحابي الجليل الذي قُتل في سبيل ولاية أمير المؤمنين ، والذي لم يَعصِ الله طَرفة عين، والذي بَكته عائشة حينما سَمعت بخبر مقتله واشتهر عنها قولها: ويلٌ لمعاوية من حجر ومن أصحابه العابدين.
ومعاوية الذي خالف الرسول  في عليّ  وفي قضايا كثيرة، وخرج عن طاعة إمام زمانه وحاربه، وأُريقت دماءُ المسلمين بسبب بَغيه ومُخالفته لصاحب الشريعة، والذي لم يَجد له الحافظ النسائي ولا فضيلة إلا قول الرسول : (لا أشبع الله له بطنًا) ولهذا قتله العامة رفسًا بأقدامهم؟

إلى ما هنالك من الأمثلة الماثلة في مئات الكتب.

»   وها هو البخاري الذي يروي لنا في إصحاحه بأنّ بعض أصحاب الرسول  يرتدّون من بعده، وآياتُ الكتاب تؤكّد ارتداد بعضهم ونفاق آخرين وغير ذلك.

  • فمقولة أنّ الصحابة في كفة واحدة لا تنطبق مع الكتاب والسنّة والواقع فلتراجع كتب التاريخ.
  • ومقولة أنهم كلهم عدول تتناقض مع الواقع وتُسقطها الآيات المحكمة والأحاديث الصحيحة.
  • بالإضافة إلى كل ما تقدّم فكيف تصحّ عدالتهم جميعًا وقد اختلفوا في أكثر القضايا إن لم نقل كلها، وتقاتلوا أيضًا وهذا معروف عند الجميع.
  • فكيف نأخذ عن الجميع في قضية واحدة؟
  • وهل نستطيع أن نقول أن القاتل والمقتول، والشاتم والمشتوم، والفاضل والمفضول في ميزان واحد وكلهم على حق ومن خالفهم فقد كفر ومن الإسلام نفر!؟

لا والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة فهذا لا يتفق مع النص والعقل.

وبعد هذا البيان المختصر أقول
  • بأن شتم الصحابة تُهمة ألصقت بنا للنيل منا.
  • والإفتاء بتكفير من سبّ كل الصحابة قياسٌ لا يُؤخذ به، ولم نجد له نصًّا صريحًا يدل عليه.
  • وإنّ الشتم والقذف من المُحَرَّمات الشرعية.
  • وإنّ العلويين أرفع من أن يُطلقوا الشتم على أحد.
  • كما أننا لا نبرّئُ بعض الصحابة مما ارتكبوه ولا نحمد لهم مثالبهم، ولا نشتمهم لذلك، ولا نساوي الجميع بمنزلةٍ واحدةٍ.
والصحابي في منهاجنا

هو من اتبع رسول الله قولاً وفعلاً، وأطاعهُ سرًّا وعلانيةً، وتابعه في حياته ووفاته. وليس من اتبعه في حياته وخالفه بعد وفاته أو أظهر طاعته وأبطن مخالفته يُعدّ صاحبًا.

فالقضيّة لا يُطلق فيها حكمٌ إجماليٌ بل تفصيليٌ، ولا يجوز خلط الأمور ببعضها البعض، لأن الخلط يؤدي إلى نتائج سلبية لا تتفق مع نصوص الكتاب.

ولو عُدنا إلى نفس الأقوال التي استشهد بها القوم وتفَحّصْناها لتبيّن لنا بأنها غير صادرة عن النبيّ الكريم  بل هي مجرّد اجتهادات ليس إلا فرَضَها التعَصُّب وتمّت تحت رعاية السُلطان فلا تُلزم أحداً.

♦ ♦ ♦   وقد قدّمنا القول في كتابنا (المسلمون بين واجب الإلفة وواقع الفرقة) أنّ هناك نصوصًا عن أئمّة المذاهب الأربعة تدُلُّ على أنهم كانوا لا يُلزمون الناس تقليدهم، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية فإنّ قول الغزالي لا يُعبأ به أكثر من غيره لأنه صادر عن أوامر سلطانية، وناتج عن تعصّب، ويهدف إلى منفعة ذاتية، والغموض يكتنفه، وهذا القول المأخوذ من كتاب "فضائح الباطنية" كتبه الغزالي على اسم الخليفة المستظهر العباسي انتصارًا له وتدعيمًا لخلافته وإمامته وانتقاصًا من خصمه وندّه المستنصر الفاطمي، وإنكارًا لخلافته وإمامته وحطًّا من قدره ومقامه واسمه الأساسي "المستظهري".
وقد أعاد نشره الدكتور عبد الرحمن البدوي سنة 1964م. تحت عنوان "فضائح الباطنية".
ومن يقرأ هذا الكتاب يُلاحظ بوضوح تام تزلّف الغزالي لخليفته وإغداقه الألقاب الطنانة عليه ويستنتج بأنّ الغرض من كتابته سياسي وليس غيرة على الدين.

♦ ♦ ♦   أما قول مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل
فإنه يُخرج جميع المسلمين من الإسلام حتى الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، وخصوصًا (ابن تيمية) الذي ردّ مئات الأحاديث الصحيحة المرويّة عن الصحابة عن رسول الله ، بالإضافة إلى ذلك فإنّه كان يبغض بعضهم ولا أُبَرِّء ساحته من الشتم، والإسهاب في هذا المجال واسعٌ وطويل والحديث شجون وفيه أخبار وفنون، وكتب التاريخ تُحدّثنا ولا تمل عن جميع ما جرى بين الصحابة والتابعين وعلماء المذاهب.

فإنّ هذه الأقوال التي يحاول البعض تكفيرنا من خلالها حجّة عليهم لا علينا، ونحن قومٌ ليس من منهاجنا الشتم والقذف والسباب، نحبُّ في الله ونبغض في الله، وإنّ أي حديث نسمعه أو نقرأه فإننا نعرضه على كتاب الله : فإن وافق أخذنا به وإن عارض طرحناه جانبًا كائنًا من كان راويه.
ولسنا ملزمين باجتهادات المقلدين، ولا نقلد إلا المعصومين عليهم السلام الذين أغنونا عن الإستعانة بغيرهم. إذ أنّهم استقوا العلم عن أبيهم أمير المؤمنين  عن جدّهم رسول الله .

إذا شئت أن تختر لنفسك مذهبًا
وتعلم أن الناس في نقل أخبار
فدع عنك قول الشافعي ومـالك
وأحمد والمروي عن كعب أحبار
ووالِ أناسًا قولهم وحديثهم
روى جدّنا عن جبريل عن الباري

وكي لا يُحمل كلامنا على محمل التعصّب أو البغض لأحد فإننا نحترم اجتهادات المُجتهدين وآراء الآخرين إلا أننا نتركها لأهلها ولا نتعرّض لها بسوء ونكتفي بما لدينا من الدليل، وننتهج نهج أهل السبيل.
وإننا أيضًا نحترم أئمة وأبناء المذاهب الفقهية الأخرى بقدر ما يحترموننا وزيادة وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا. النساء\86 ولا نجعل الخلافات المذهبية حُجّة للإنفصال، لأنّ الإنفصال لا يكون إلا بإنكار أحد الأصول الثلاث "التوحيد والنبوة والمعاد"، أو إنكار أحد ضروريات الإسلام وأركانه.

♦ ♦ ♦   وقبل طي هذا الموضوع أقف قليلاً مع البخاري الذي يرى بأنه لا فرق عنده بين أن يُصلي خلف الجَهمي والرافضي أو اليهود والنصارى، فهو لا يُلام على هذا لأنه عبّر عن منهاجه في صحيحه الذي يُعتبر عند البعض بعد كتاب الله!.

» قال إبن البيع في معرفة أصول الحديث: احتجّ البخاري بأكثر من مائة رجل من المجهولين، وصحّ عند العلماء أنه روى عن ألف ومائتي رجل من الخوارج الملعونين، ذكر منهم صاحب المصالت جماعة.

» وقال له أحمد بن حنبل: سمّيتَ كتابك صحيحاً وأكثر رواته خوارج؟ فقرر مع الغريري سماع كل كرّاس بدانق فلهذا لن ترفع روايته إلا عن الغريري.

» وحبسه قاضي بخارى أيام حياته لما قال له: لمَ رويت عن الخوارج؟ قال: لأنهم ثقات لا يكذبون.

» وإنما شاع كتابه لتظاهُرِهِ بعداوة أهل البيت:

  • فلم يروِ خبر الغدير مع بلوغه في الإشتهار.
  • وكتم حديث الطائر.
  • وجحد آية التطهير مع إجماع المفسّرين على نزولها في الخمسة أصحاب الكساء وقد رواها تلميذه مسلم عن أم سلمه، وغيره.
  • ولم ينقل من حديث الراية أوّله مع أنّ أحمد بن حنبل، والطبري، وإبن بطة، والترمذي، وإبن ماجة، والثعلبي، وأبو يعلى، والبيهقي، والواحدي رووه بأصوله المعروفة من دون تنقيص.
  • ولم يرو حديث سدّ الأبواب وقد رواه ثلاثون رجلاً من الصحابة منهم: (سعد بن أبي وقاص، وإبن عباس، وإبن أرقم، وجابر الأنصاري، وحذيفة، والخدري، ومعاذ، وإبن عمر، وأبو رافع، وأم سلمه، وبريدة، وذكره أبو نعيم في الحلية، وأبو يعلى في المسند، والخطيب في تاريخه، والبلاذري في تاريخه، والترمذي في جامعه، وإبن بطة في أبانته، وأحمد في فضائله، والطبري في خصائصه، وإبن ميمونة في إملائه، وشعبة في أماليه، والبيهقي في كتابه، والخركوشي في شرف النبي ).

إلى ما هنالك من الأحاديث الواضحة والمتواترة التي تعمّد إخفاءها ولهذا فلا يُنظر إلى فتواه، ولا إلى فتوى غيره، وأنا على يقين بأنّ هؤلاء القوم ما أفتووا بتلك الفتاوى الجاهلة إلا لبغضهم أمير المؤمنين  فمن كان كذلك فلا نستغرب منه الإفتاء بتكفير شيعته.

وقد نقلت عن كتاب الصراط المستقيم للنباطي المتوفي سنة 877 هجري أنه جاء في مسند جعفر قال أحمد بن حنبل: لا يكون الرجل سنّيًا حتى يبغض عليًا ولو قليلاً.!؟

ولا أعتقد بأن هذه القاعدة المُنحرفة مُطبّقة عند أهل السنّة باستثناء بعض المُتعصبين، هذا في حال صحّ هذا القول عن أحمد.

وعنه أيضًا أنه قال: من زعم أنّ محمدًا وعليًا خير البشر فهو كافر.

وقال: من لا يرى الترحم على معاوية فهو ضال مبتدع.

وعلى هذا الأساس

♦ فالمسلمون العلويون يوالون عليًا  ولاءً صادقاً وكاملاً لقوله تعالى إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ المائدة\55.

♦ ويأخذون عنه لقوله تعالى فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ الأنبياء\7\.

♦ وينتسبون إليه لقول الرسول : (ألا أنّ شيعة علي يقولون يوم القيامة نحن العلويون فتقول لهم الملائكة أنتم الآمنون ولا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون). 1

♦ ويقولون بأنّه بعد الرسول  خير البشر والدليل على ذلك حديثيّ المنزلة والمؤاخاة وغيرهما.

♦ ولا يَرَون الترحّم على معاوية لأنه شتم إمامه وخرج عليه ومات دون أن يبايعه فيعتبر كما جاء في الإصحاح أنه مات ميتة جاهلية فلتراجع.

ولهذه الأسباب مجتمعةً ولغيرها فقد كفّرهم بعض المتعصبين وأطلقوا عليهم إسم الرفض والغلو، وأجازوا قتلهم وقتالهم إلى ما هنالك من الفتاوى المخالفة للكتاب والسنّة النبويّة الصحيحة.

♦ ♦ وهنا أطرح سؤالاً هامًّا لا بدّ منه:
أليس من الغلو والإسراف القول:
بأنّ من طعن رواية أي صحابي فقد ردّ على الله رب العالمين وأبطلَ شرائع المسلمين وقد اشتُهِرَ بعضهم بالوَضع.
فإذا لم يكن هذا هو الغلو فكيف يكون؟

أما الصحيح في هذه القضية فهو التالي

قال تعالى: ما وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا الحشر\7.
وانطلاقًا من هذه الآية المُحْكَمِة نَستخرج الحُكمَ الصحيح الذي يقول بأنّ من ردّ قول الرسول  فقد ردّ قول الله، ومن ردّ قول الله فهو كافر بالإجماع.
ويتفرّع من هذا الأصل أصلٌ ثابتٌ وهو أنّ النبيَ  قَرَنَ عليًا  بنفسه في حديثيّ "المنزلة والمؤاخاة" اللذان رواهما كبار الصحابة وأئمة الحديث وعلماء التفسير وأصحاب المجاميع والسِيَر وأكثر المؤرّخين.

قال السيّد الرسول : ( علي مني وأنا من علي ) . 2

وعلى هذا الأساس الثابت والمنطق الصادق: فإنّ من ردّ قول عليّ فقد ردّ قول الرسول ومن رد قول الرسول فقد ردّ قول الله، لأن الذي يَقرنه الرسول بنفسه في آية المباهلة ويقول له مُسمِعاً الأمّة: ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) فلا ينطق إلا عنه ومنه، والرّاد عليه كالرّاد على الرسول، وفي هذا كفاية.

وأختم هذا الفصل بقول الشافعي:

برئت إلى المهيمن من أناسٍ
يَرَونَ الرفض حبّ الفاطميّة

وكنتُ أتمنى أن لا أخوض في هذا البحث ولكن القومَ فتحوا بابًا لم يكن من الواجب فتحـه فرأيت إغلاقه بالحجّة الكاملة والأدلة الشاملة .

  • 1 حديث الرسول ص وآله كما في كتاب "تفسير مرآة الأنوار"، ص84، نقلاً عن كتاب "كنز الفوائد" و"تفسير فرات بن إبراهيم"، عن ابن عباس وغيره:
    ( ألا إن شيعة علي يقولون يوم القيامة نحن العلويون فتقول لهم الملائكة فأنتم الآمنون ولا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) .
  • 2 يُراجع صحيح البخاري – صحيح الترمذي – سنن إبن ماجه – مسند أحمد بن حنبل – المستدرك على الصحيحين – التلخيص للذهبي – مجمع الزوائد للهيثمي – المجمع الأوسط للطبراني – الصواعق المحرقة لإبن حجر وغيرها.