كلمة للشيخ عبد الهادي حيدر عن العلويين وعن كتاب (النبأ اليقين)..

أُضيف بتاريخ الأحد, 10/05/2015 - 15:22
 

الحمد لله الذي بَهَرَت آياتُهُ، وأعجزت كلماتُهُ، وسَطَعَت أنوارُهُ، ودلّت عليه آثارُهُ، والصلاةُ والسلامُ على أشرف مُكوّناته وأجَلّ مَفعولاته، مُحمّد الهادي الأمين وعُترته الميامين، ومن لَحِقَ بهم من أهل اليمين، وبَعد:

ما كانَ اللهُ ليَطمِسَ على مَعالِمِ قومٍ أسّسوا بُنيانهم على تقوى من الله، ورفعوا قواعدهم على التمسّك بثقليّ رسول الله ، والإعتصام بوَلايَةِ خير الأوصياء وسيّد الشهداء أمير المؤمنين وإمام الدُنيا والدين ، مهما تعاقبت عليهم أدوار الظلم والإضطهاد، وعَصَفت بهم أعاصير الطُغيان والإستبداد، فهُم وإن نَأت بهم الدار، وشَطّ بهمُ المَزار، وذاقوا من أصناف العذاب ومرارَة الإغتراب ما تنوءُ بحمله غُلب الرجال وشُمّ الجبال، لم يزدادوا بدينهم إلاّ تمسّكًا وبكريم أخلاقهم وأصيل عروبتهم إلاّ تثبيتًا.

ولطالما حاول الجبابرة السفّاحون، والغُزاة المُجتاحون من الحُكّام الشعوبيين استئصال شأفتهم، واجتثاث أصولهم، وإخفاتَ أصواتهم وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.

فَرَّ القومُ بوَلائهم من شاهقٍ إلى شاهق، ولاقوا في سبيله الألاقي، ودَهَتهُم بسببه الدَواهي، فهُم لا يَأبَهون لنعيم الدنيا وزُخْرُفِها، إذا سَلَمَ لهم دينُهُم، وخَلُصَت لهم وَلايَتُهم، وسَواءٌ عليهم بعد ذلك رضيَ عليهم وُلاةُ السوء أم سَخَطوا، عَدَلوا بهم أم جاروا. فَهُم بما هُم فيه فرحون، وبنعمَةِ الله وعَفوهِ مُستبشرون، حفِظوا عليهم سجاياهُم العربية، وشَدّوا أيديهم على خَلائِقِهم اليَعرُبيّة، من حِفظِ الذمار وحق الجِوار وقرى الأضياف وعُلُوّ الهِمّة وكَرَم النَجدة، إلى ما هُنالك من كرائم أخلاق يتوارثونها كابراً عن كابر.

وقد طاب لفضيلة الأخ الكريم مؤلّف هذه العُجالة الغَرّاء، أن يتغنّى ببطولاتِ أمجادهِ ويترنّم بمآثِر أجدادِهِ، فطَلَعَ علينا بهذا المُختصر الثمين، وجاءنا فيه بـ "النبأ اليقين" فكان من ناحيتيه الأدبية والتاريخية مِثالاً رائعًا وحقيقةً ناصعةً يَهتدي بها من أراد اللحاق بركبِهِ والعمل على غِرارهِ، فلقد أجادَ وأفادَ ووَطَأ أكنافَ السبيل للمُرتاد، فجزاهُ الله خيرَ الجزاء ووفّقه إلى أداء مهَمَّتِهِ حق الأداء، وخَتَمَ لنا وله بالحُسنى، إنّه سميعٌ مُجيبُ الدُعاء.

أبو قبيس...
عبد الهادي حيدر