الإمامة أخص من الخلافة والخلافة أعم منها.. رجوع الخلفاء إلى أمير المؤمنين في المعضلات.. مبايعة الإمام مبايعة زمانية لا ولائية.. لا ضير في موقف الإمام ولا تناقض مع ثبوت إمامته وعصمته وولايته الكلية...

أُضيف بتاريخ السبت, 17/09/2011 - 16:22

المرسل: zaynab \أيار\17\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : ﴿ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاس ﴾ .المائدة/ 67. صدق الله العلي العظيم

روى الحافظ الحاكم الحسكاني ( في شواهد التنزيل ) قال: أخبرنا أبو عبد الله الدينوري (بإسناده المذكور) عن أبي إسحاق الحميدي قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)).
وروى هو أيضاً، قال: أخبرنا أبو بكر السكري (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يقول يوم غدير خم ـ وتلا هذه الآية ـ: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).
ثم رفع يديه حتى (صار) يرى بياض إبطيه ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): اللّهم اشهد\\\\\شواهد التنزيل/ ج1/ ص188./و ص190.
................................

السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب اللهم وال من والاكم وعاد من عاداكم وانصر من نصركم واخذل من خذلكم يا مولانا يا أمير المؤمنين , فالسلام على كل من والاكم حقاً وصدقاً وعدلاً وتبعكم بإحسان إلى يوم الدين ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ
كما نعلم ان آية البلاغ ( اعلاه ) نزل بها الامين الوحي جبرائيل (ع) على النبي الاكرم (ص) أمر من الله تعالى بالتبليغ في خلافة أمير المؤمنين علي (ع) على المسلمين بعد النبي الأكرم (ص) . والكل بايع في غدير خم بمن فيهم عمر بن الخطاب وعبارته المشهورة التي لا زالت شاهدة على مبايعته له يومها , ألا وهي ( بخ بخ لك يا ابن ابي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) وفي بعض النسخ (مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة) ..
وبعد انتقال النبي الأكرم ( ص ) الى الرفيق الأعلى وحدث ماحدث في سقيفة بني ساعدة من انقلاب على الخلافة العلوية وعين خليفة غير مولانا أمير المؤمنين علي (ع) ألا وهو أبا بكر ...
والسؤال هو ما..سألته إحدى الاخوات من بعد جدال عقيم بينها وبين أحد المواقع من الإخوان من أهل السنة والجماعة .. بحيث كانت مصرة الاخت ان مولانا أمير المؤمنين علي (ع) لم يبايع أبا بكر للخلافة من بعد وفاة النبي الأكرم (ص) وهم أصروا على أنه بايع..
و الإخوان من أهل السنة والجماعة يقولون أن أمير المؤمنين علي (ع) بايع أبا بكر ورضي به خليفة عليه وعلى المسلمين جميعاً... معتمدين على احاديث وردت في هذا الشأن منها كما يلي :

قول أبو الحسن على بن أبى طالب " و إنا نرى أبا بكر أحق الناس بها , إنه لصاحب الغار و ثاني أثنين , و إنا لنعرف له سنه , و لقد أمره رسول الله بالصلاة و هو حي " شرح النهج لابن أبى الحديد 1/332
والحديث التالي ..::
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي \انتهى
........................................
وايضاً معتمدين على كثير من الاحاديث من مصادرهم تفيد بأن مولانا امير المؤمنين علي (ع) كان قد بايعه ورضي به خليفة على المسلمين وكادوا يصفون علاقته به انها وصلت لدرجة الهيام
فما صحة روايات مبايعة مولانا امير المؤمنين علي (ع) لأبي بكر ؟ هل هي صحيحة ؟ وهل بايعه حقاً ؟ ام لا ؟ وإذا بايعه , فكيف بايعه وهو يعلم والقوم يعلمون أنه الخليفة الذي أمر النبي الاكرم (ص) ان يتبع من بعده ؟
والى حين جوابكم شاكرين لكم عطاءكم المبارك يا سيدي الشيخ ، تقبلوا فائق احترامنا وتقديرنا لشخصكم الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين.

  أختي المحترمة تحية طيبة.
هناك أمور يجب توضيحها كي تظهر الحقائق وتوضع النقاط على الحروف فتنجلي الكلمة ويتضح المعنى.

  في النهج العلوي الذي نتمذهب به فإنّ كل إمام معصوم هو خليفة لله في أرضه وليس كل خليفة هو إمام يُقتدى به، لأن الإمامة أخص من الخلافة والخلافة أعم منها، فالإمامة هي قيادة دينية روحية ونيابة عامة للرسول ، أما الخلافة فهي سلطة زمانية محدودة لتسيير شؤون البلاد والعباد.
  فإمامة علي وأبنائه قديمة بقدم العهد والميثاق، أما خلافة الخلفاء الثلاثة فهي بنت وقتها ووليدة الزمان والظروف، فمبايعة علي - وفي العين قذى وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبا - هي قبولٌ وفق هذا السياق، والعلة في ذلك: حقن دماء المسلمين وتيسير حكم البلاد ومنعاً للفوضى ودرأً لما يحدث عن الامتناع لقوله عليه السلام:
وطفقت أرتَئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى.

  فكانت مبايعة الإمام مبايعة زمانية لا ولائية كما يتصور البعض، والدليل على ذلك رجوع الخلفاء إلى أمير المؤمنين في المعضلات حتى قال الخليفة الثاني: (لا أبقاني الله في معضلة لست فيها يا أبا الحسن)، وقوله أكثر من مرة: (لولا علي لهلك عمر). وقول الخليفة الأول: (أقيلوني فلست بخيركم وعليّ فيكم)، وهذا ثابت بالدليل.

  فلا ضير في موقف الإمام ولا تناقض مع ثبوت إمامته وعصمته وولايته الكلية، فالإمامة ثابتة في الكتاب والسنة وهي من الله وليست من البشر، أما الخلافة فقد طغى فيها حُكم الأكثرية، فَدَرأً للفتنةِ ومنعاً للانقسامِ أمضاها الإمام بحكمته الثاقبة وأبان عن ذلك في الخطبة الشقشقية كما تقدم.

  أما الأخبار التي أدلى بها البعض فموضوعة ولا أساس لها من الصحة، والصحيح ما أجمع عليه الفريقان حيث يقول أمير المؤمنين عليه السلام:

  فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته – أراد الخليفة الأول حيث قال أقيلوني- إذ عقدها لآخر بعد وفاته – وهو الخليفة الثاني الذي جعلها من بعده شورى في ستة - لشد ما تشطرا ضرعيها فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسها. ويكثر العثار فيها. والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم. وإن أسلس لها تقحم فمُنيَ الناس لعمر الله بخَبطٍ وشماسٍ وتلوّنٍ واعتراضٍ، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعةٍ زعم أني أحدهم فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفّوا وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هَنٍ وهَنٍ إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته، فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليّ ينثالون عليّ من كل جانبٍ حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومَرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: ﴿ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ﴾ بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حَليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرُجها. أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يُقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيتُ حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.
  يتبيّن لنا بأنّ مُبايعة الإمام كان على خلافةٍ زمنيةٍ وليس على إمامةٍ ولائيةٍ حقناً لدماء المسلمين، ومنعاً للفتن التي كان يَسعى إليها البعض من الذين لم يَدخل الإسلام قلوبهم.

  فالإمام هو خليفة الله ورسوله، والخليفة له إمامٌ يقتدي به إلاّ إذا كان الخليفة إمامٌ معصومٌ كما في خلافة أمير المؤمنين وابنه الحسن عليهما السلام.

  فعَليّ زَيّنَ الخلافة بإمامته، والخلفاءُ تزيّنوا بالخلافة وهذا بَيّنٌ. 2

  وعندي: إنّ بحث هذه القضايا واستحضارها من الماضي غيرُ مُجدي، وعلى المُسلمين أن يَسعوا إلى ما فيه الخير لمجموعهم، وعلينا أن نبحث عن التاريخ كما حَدث لا أن نقرأ التاريخ الذي كُتِب، فشتان ما بينهما: بين واقِعٍ حَدَث، وبين واقعٍ صُنِع. فالأوّل تاريخٌ مُغَيَّب، والثاني تاريخٌ مُصَنَّع. والحمد لله أولاً وأخراً وصلى الله على محمد وآله.

حسين محمد المظلوم
14\9\2011