(من كنت مولاه فهذا علي مولاه). لفهم هذا الحديث فهمًا صحيحًا وشاملاً لا بد من الدخول إليه بتسلسل منهجي مؤيد بالأدلة.. أبرز شروط الولاية.. محبة عليّ ليست كلمة مُجَرّدة ولا تكفي لوحدها..

أُضيف بتاريخ الخميس, 20/10/2011 - 03:30

المرسل: فاطمة 2011/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ... الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ....
حضرة العالم الجليل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وآله وأصحابه المنتجبين " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه"
  1. كيف نفهم هذا الحديث الشريف؟
  2. كيف يعلم الإنسان أنه من موالي أمير المؤمنين علينا من ذكره السلام ....
    هل يكفي الحب لأمير المؤمنين والأئمة علينا من ذكرهم السلام لنكون من الموالين... بعبارة أخرى كيف نكون من الموالين؟
  3. كيف يقيس الإنسان إيمانه أو صلاحه ويعلم أنه في الطريق الصحيح وليس ممن تنطبق عليه
    الآية الكريمة " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" ؟
والحمد لله رب العالمين 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله.

هذا الحديث بلغ حَدّ الإشتهار والتواتر، وهو حديث الولاية الماثل يوم الغدير والسابق في يوم العهد والميثاق، كما دلّت الروايات المعتبرة. ولفهمه فهمًا صحيحًا وشاملاً لا بد من الدخول إليه بتسلسلٍ مَنهجيّ مُؤَيّد بالأدلة.

المُتحدّث والمُبَلّغ هو نبي الأمّة   حيث يقول: (من كنت مولاه). مُقدّمَة استهلاليّة لتوضيح معنى الولاية. فما هي هذه الولاية؟

  قال تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ [الأحزاب 6]

تدلّ هذه الآية على أنّ النبي أولى بأنفس المؤمنين من المؤمنين أنفسهم، وبالتالي فهو أولى بهم فيما يتعلق بالأمور الدينية والدنيوية، فله الولاية الكاملة والمُطلقة، وعلى المُوالي: الطاعة المُطلقة والتسليم الكامل.

من هنا نعرف الحِكمَة من هذه المُقدمّة قبل الدخول إلى الغرض، فقد عَرّفهم معنى الولاية، ولايته عليهم، ليُبلّغهم بعد ذلك ولاية أمير المؤمنين بقوله (من كنت مولاه)، بهذا المعنى الجامع (فعليّ مولاه) بنفس المعنى من دون فرق أو فاصلة أو نقصان.

لينتقل بعد ذلك إلى فضيلة تلك الوَلاية ونتائجها فيقول مبتهلاً: (اللهم وال من والاه)، فهو صاحب الدعوة المُستجابة يدعو الله جلّ وعلى أن يَتولّى وَليّ عليّ بالخير الوفير والفوز الكبير، شرط أن يُتَمّم شروط الولاية. (وعادِ من عاداه)، وهو البلاء الأعظم لِمَن جَحَد هذه الوَلاية.

أمّا أبرز شروط الولاية فهو: مُوالاة أولياء عليّ ومُعاداة أعدائه، لقول أمير المؤمنين   حين دخل عل نفرٍ من شيعته: أتزعمون أنكم تفوزون بولايتنا. قالوا: نعم يا مولانا. فقال لهم: لا والله إلاّ أن توالوا أولياءنا وتعادوا أعداءنا.

وما يُؤيّد ذلك ويشيده قول الرسول الأعظم  : لن يُؤمن أحدكم حتى أكون أحَبَّ إليه من نفسه، وأهلي أحَبَّ إليه من أهله.

فهذا الشرط الأكبر من شروط قبول الوَلاية يوُاكبه السير وفق نهج المعصومين نهجًا اعتقاديًا، وسلوكًا عمليًا، وعدم الخروج عليهم في صغيرةٍ أو كبيرةٍ.

أما السبيل إلى معرفة الإنسان نفسه أنه من موالي عليّ، فواضح في قول المولى الصادق   حيث يقول: (من وَجَدَ منكم بَرد حُبنا على قلبه فليحمد الله على أولى النِعَم)، قلتُ – المتحدث إسحاق بن عمار – وما أولى النِعَم؟ قال: (طِيبُ الولادة).

فمن طابَت ولادته طابَ مَنشأه، ومن طابَ مَنشأه فهو من موالي حيدرة.

قال مولانا الصادق  : (خلق الله الجنة طاهرة مُطَهّرة لا يدخلها إلاّ من طابَت ولادته).

وقال الإمام الباقر : (من طَهُرَت ولادته دخل الجنة).

فتلك البَهجة الروحية حين يُذكر أمير المؤمنين، لا يتحسّسها إلا من طَابت ولادته، وهي دليلٌ على طِيب المَنشأ يَوم العَهد الأول.

فمحبة عليّ ليست كلمة مُجَرَّدَةً ولا تكفي لوحدها، لأنّ من شروط صحّة الهُوية صِدقُ الطويّة، فالمحبة تشترط المُتابعة ، وعلى قدر ذلك تكون المَنزلة الكُبرى والفوز الأعظم، ولكي يعلم المَرء أنّه على الطريق الصحيح: فعليه متابعة أقواله وأفعاله، فإن وافقت كتابَ الله وسُنّة النبي والمَعصوم فهو إلى خيرٍ، وإلاّ فلا.

فمن والى عليًّا واتبع نهجه الإسلامي الجامع فهو من مواليه، وهذا لا يحتاج إلى دليلٍ، لشهادة العقول وتأييد المنقول، وما بكم من نِعمةٍ فمِن الله.

ودُمتِ بخير.

حسين محمد المظلوم
16\10\2011