يوم الغدير هو اليوم التاريخي العظيم الذي أَكمَلَ الله به الدين، وأتَمّ نعمَتَهُ على المؤمنين ورضي به تشريعاًً للمسلمين... الإمامة تندرج في أصول الدين الإسلامي في منهاجنا.. خصائص هذا العيد.. الآيات الدالة على معنى حديث الرسول كثيرة..

أُضيف بتاريخ السبت, 12/11/2011 - 17:27

المرسل: فاطمة 09\11\2011م

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين ...الحمد لله كما هو أهله وصلّى الله على المصطفى الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ....
الأخ المحترم السيد الكريم أبو اسكندر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أتوجّه إليكم بمناسبة عيد الأضحى المبارك وقرب حلول عيد الغدير العظيم لأقول أعيادكم مباركة أعادها الله عليكم وعلى المؤمنين في سائر أرجاء المعمورة بالخير والبركة والفلاح
رُوِيَ عن النبي المصطفى محمّد (صلّى الله عليه وآله وصحبه المنتجبين) أنّه قال: "العلمُ خزائن ومفاتيحها السؤال، فسألوا يرحمكم الله، فإنّه يؤجرُ فيه أربعة: السائلُ والمُجيبُ والمُستمعُ والمُحبُ لهم"
وأنا اغتنم هذه المناسبة الكريمة لأسال من خلال موقعكم الكريم فضيلة الشيخ الموقّر العالم حسين محمد المظلوم "عفى الله عنه" عن خصائص يوم الغدير العظيم؟
ما هو الشرف العظيم الذي ناله المؤمنون في هذا اليوم من خلال حديث رسولنا محمّد صلى الله عليه وآله وأصحابه المنتجبين في خطبته يوم الغدير وقوله "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله " ؟
ما هي الآية/الآيات الكريمة الدالة على هذا المعنى؟
وهل ورد هذا الحديث أكثر من مرة؟

ودمتم بخير وسائر المؤمنين
والحمد لله رب العالمين 1
الجـواب

 

الحمد لله السميع البصير الفرد القدير المتعالي عن الصفات والتصوير المنزه عن الشبيه والنظير، والصلاة والسلام على البشير النذير الداعي إلى ولاية علي يوم الغدير فكَمُلَ الدين وتمّت النعمة على الكبير والصغير.

لا تخلو أُمّة من الأمَم أو شعبٌ من الشعوب من أعيادٍ ومُناسباتٍ تحتفل بها وتهتم لها، بمقدار تلك المناسبة وما لها من أثرٍ كريمٍ، دينيةً كانت أم شعبيةً، وذلك حسب أعرافها وتقاليدها واعتقاداتها ضمن القواعد التي تنسجم مع تلك المناسبة.

فالأعياد لا تختص بأُمّةٍ دون أمّة، ولا بشعبٍ دون شعب، لأنها قديمة مُتفق عليها عند الجميع، غير أنّ هذه الأمة الإسلامية تهتم بالأعياد الدينية أكثر من غيرها من المُناسبات الشعبية، وإن دلّ هذا على شيء فهو يدل على أنّ الشرق مصدر الأديان ومَهبط الوحي ومَهد الرسالات، وإنّ حضارته قائمةٌ على الأخلاق، وعلى التعاليم السماوية الخالصة.

فالحكمة من الأعياد بالنسبة للأمّة أن يكون لهم من ماضيهم عِبرةً في حاضرهم ومُستقبلهم، وأن يَستمدوا من قوة الإيمان والعقيدة قوة تُحَرّرهم من أهوائِهم وعصبياتهم البغيضة ليسيروا صفًّا واحدًا في ركاب الحرية والحضارة والسلام.

وإنّنا منذ أيام قلائل احتفلنا بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، وقد كانت أصواتنا تتعالى بأناشيد التكبير والتهليل مُعلنةً الحمد لله على هذه النعمة التي أنعم الله سبحانه بها على هذه الأمة. وفي هذه الأيام نحن أمام ذكرى عزيزة علينا، غالية على قلوبنا، عميقة في نفوسنا، هي: ذكرى يوم الغدير.

فيوم الغدير هو اليوم التاريخي العظيم الذي أَكمَلَ الله به الدين، وأتَمّ نعمَتَهُ على المؤمنين ورضي به تشريعًا للمسلمين، إنه يومُ تتويج الإمام المُرتضى بتاج الخلافة العظمى والإمامة الكبرى.  


في السنة العاشرة من سِنِيّ الهجرة حَجَ رسول الله حجة الوداع الأخيرة، وذلك عند نزول الآية الكريمة قوله تعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ الحج 27-28. فأرسل رسول الله   المؤذنين يدعون الناس للحج، وقد اختلف القول بالعدد الذي حَج مع الرسول في ذلك العام، قيل سبعون ألفًا، وقيل مائة ألف، وقيل أكثر وعلى كل حال حجَ مع النبي   في ذلك العام أكثر المسلمين إن لم نقل كلهم.

ولما انتهى الرسول من الحج وقضى مناسكه وانصرف راجعًا إلى المدينة ومعه من كان من الجموع الغفيرة، ووصل إلى غدير خُم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة نزل إليه جبريل الأمين عن الله بقوله: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ المائدة 67، وأمَرَهُ أن يُقيم عليًّا عَلمًا للناس، ويُبلّغهم ما أنزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كل أحد، وكان أوائل القوم قريبًا من الجحفة، فأمر رسول الله   أن يَرُدَ من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان، ونهى عن سمرات خمس متقاربات دوحات عظام أن لا ينزل تحتهن أحدٌ، حتى إذا أخذ القوم منازلهم فَقَمَ ما تحتهن حتى إذا نودي بالصلاة صلاة الظهر، عَمَدَ إليهن، فصلى بالناس تحتهن، وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء، وظُلل لرسول الله صلى الله عليه وآله بثوبٍ على شجرة سمرة من الشمس، فلما انصرف من صلاته قام خطيبًا وسط القوم على أقتاب الإبل وأسمع الجميع رافعًا عقيرته فقال:

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمَن أضل ولا مُضلٍ لمَن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أما بعد.

أيها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يُعَمّر نبيّ إلا مثل نصف عُمر الذي قبله، وأني أُوشك أن أُدعى فأجيب، وأني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنك بلّغت ونصحت وجاهدت فجزاك الله خيرًا.

قال  : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسوله، وإنّ جَنّته حقٌ، وناره حقٌ، وأنّ الموتَ حقٌ، وإنّ الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها، وإن الله يبعث من في القبور.

قالوا: بلى نشهد ذلك.

قال  : اللهم أشهد. ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟

قالوا: نعم.

قال  : فأني فرطٌ على الحوض وأنتم واردون عليَ الحوض وإنّ عَرْضَه ما بين صنعاء وبصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.

فنادى منادي، وما الثقلان يا رسول الله ؟

قال  : الثقل الأكبر كتاب الله طرفٌ بيد الله   وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والأصغر عترتي، وإنّ اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَ الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تَقدموهما فتهلكوا.

ثم أخذ بيد علي فرفعهما حتى رؤيَ بياض أبطيهما وعرفه القوم. قال  : أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟

قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال  إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، يقولها ثلاث مرات.

ثم قال  : اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبب من أحبه وأبغض من أبغضه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليُبلغ الشاهد الغائب.

ثم لم يفترقوا حتى نزل قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا المائدة 3.

فقال رسول الله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي، والوَلاية لِعَلِيّ من بعدي.

ثم طفق القوم يُهَنّئون أمير المؤمنين عليًّا  .

  وبعد أن انتشر خبر واقعة الغدير وبيعة الأمير، وشاع وطار في البلاد فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله   على ناقةٍ له حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها، فقال:

يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضّلته علينا، وقلت : مَنْ كنتُ مولاه فعليٌ مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عزَّ وجل ؟

فقال  : والذي لا إله إلا هو، إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان يُريد راحلته، وهو يقول: اللهم إن كان محمدًا مُحقًّا فأمطِر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتى رَمَاه الله تعالى بحجرٍ فسقط على هامته، وخرج من دُبره وقتله، وأنزل الله عزَّ وجل: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ المعارج 1\2\3.

  فهذه المناسبة الكريمة كانت ولا تزال ذات أهمية عظيمة عند الله ورسوله وأهل البيت  ، وبقية المسلمين.

أما الأهمية عند الله تعالى فهو يوم تَوّج الله فيه عليًّا بالخِلافة والوَلاية، ونزل جبرائيل من عند الله مهنئًا الرسول الأعظم بالتتويج بقوله عزَّ من قائل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ .

  • وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله   إنه قال يوم الغدير : إن الله خصني بالنبوة، وخص أهل بيتي بالإمامة.
     
  • وروي عن الإمام الصادق  ، عن آبائه، قال: قال رسول الله  :

يوم غدير خُم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب عَلَمًا لأُمّتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمَلَ الله به الدين، وأتَمّ على أُمّتي فيه النعمة، ورضي لهم الإسلام دينًا.

واقتفى الأئمة الطاهرون نهج جدهم الرسول الأعظم في تعظيم هذا اليوم وكثرة الإهتمام به .

وروي عن فرات الأحنف عن الإمام الصادق  ، قال : قُلت جُعِلت فداك، للمسلمين عيداً أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟
فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأنزل على نبيه محمد  : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.
قال، قلت: وأي يوم هو؟
قال  : إنّ أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة من بعده ففعل ذلك وجعلها ذلك اليوم عيدًا، وأنه اليوم علمًا وأُنزل فيه ما أنزل، وكمل فيه الدين وتمت النعمة على المؤمنين...
إلى أن قال : فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟
قال  : هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمدٌ له وسرور لما منّ به عليكم من ولايتنا فإني أحب لكم أن تصوموا.

ومن المعلوم أن الصلاة كانت قبل نزول هذه الآية قائمة، والزكاة مفروضة، والصوم مشروع، والبيت محجوج، والحلال بينٌ والحرام بَيِّنٌ، والشريعة مُنسّقة، وأحكامها مُستتبة، فأيّ شيء غير الولاية يَخشى النبي   فِتنة الناس بتبليغه؟!
وأي شيء يقتضي هذا الحض على إبلاغه بما يشبه الوعيد ؟
هذا وقد صبر النبي   على ما صبر من تكذيب المشركين وعنادهم وسخريتهم واستهزائهم في بدء الرسالة، ثم ما هي هذه الرسالة التي يحتاج معها إلى الوعد من الله   بالعصمة من أذى الناس على تبليغها؟
فكل هذه الدلائل والاستنتاجات العقلية بالإضافة إلى الأدلة النقلية تؤكد لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله يوم الغدير، والغاية منها: إعلان الولاية للأمير أمام الجَمّ الغفير بعد الحَج الأخير.


فالإمامة تندرج في أصول الدين الإسلامي في منهاجنا، ولهذا عَظّمَت الموالي   هذا العيد على بقية الأعياد الإسلامية كما تقدم النص والدليل، وأوضح الله في مُحكم التنزيل. وأما بقية الأعياد فهي تدخل ضمن الأركان الخمس التي هي من فروع الدين والقول في ذلك شهير والأدلة عليه كثيرة.

  فخصائص هذا العيد كثيرة ولمعرفتها لا بد من قول التالي:

  • النبّوة سفارة ربّانية، وولاية مُلزمة من الله لعباده، وهي لُطفٌ إلهيٌ بمن خلق وكلّف لتبليغ الأحكام وعقائد الإسلام، والوَلاية كمال لها وتمام لِمَدَدِها، وهما مُتداخلان ومُتقابلان ومُتكاملان.
  • فالدخول من النبّوة إلى الوَلاية، كالدخول من الإسلام إلى الإيمان.
  • والتقابل بالفضل والإمداد الإلهي ووجوب الطاعة، لنيل الرضا والقبول والشفاعة.
  • والتكامل بمعرفة أنهما أصلٌ واحدٌ ماهيته التبليغ والبيان، فالتبليغ: مصدره النبّوة، والبيان: مصدره الإمامة.
  • والإيمان بالنبّوة لا يَقبل التجزء، بل يشترط كُليات وجزئيات ما يصدر عن صاحب المقام في الأصول والفروع، فمن ترك فرضًا مُتعمدًا مُتعديًا أو مُتأوّلاًً وفق مقاييس وضعية لم تُقبل منه بقية الفروض.
  • فالنبي صدّع بالشهادتين، وأوضح الفروض والعبادات كاملة، وأرشد إلى مكارم الأخلاق، وأخبر عن البعث كما أخبر عن المبدأ، ولم يبق إلاّ ما أراد الله أن يَكمُلَ الدين به وهو: الوَلاية لصاحب الوَلاية، فكان الغدير العلويّ بالنبأ المُحمديّ، وبه كَمُلَت الرسالة وتمت المَقالة، ولم يَبق سوى القبول لتَكْمُلَ الفروع بالأصول.
  • فالإمامة: هي الوَلاية الثالثة التي ألزمها الله عباده، وعليها نَصَّ التنزيل، وبها أتى جبريل مُبلغًا عن ربه أمر ربه: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة: 55]
    وقد أجمع المُفسّرون والمُحدّثون والمُتكلمون على نزولها في عليّ حين تصدّق بخاتمه وهو راكعٌ، وفيها بلاغ وافٍ وبيان شافٍ على أنّ وَلايته إمتدادٌ لوَلاية صاحب النبّوة الخاتمة، ولا وَلاية لأحدٍ بعدهما باستثناء أبنائه المعصومين المُعَبّر عنهم بالثقل الأصغر الذين بَيّنوا أحكام الثِقل الأكبر.
  • فالعبادات المفروضة والواجبات المَسنونة لا تقبل إلا بالوَلاية لله ورسوله وأمير المؤمنين، لأنّ الفروع تشعّبت من الأصول وكَمُلَت بها، وهذا مَعلومٌ عند أهل الكلام.

والحديث في هذا المَجال يَطول.

  فالشرف الذي ناله المؤمنون بهذا المبدأ هو: كَمال إسلامهم، وتمام إيمانهم، شرط القيام بأركان الإسلام، والوفاء بواجبات الإيمان، وهو التشبّه بالمعصوم ضمن الطاقة الممنوحة والتأدب بآدابه السامية. فمن تحقق ذلك وحققه طابقت هويّته وطويّته.


أما الآيات الدالة على معنى حديث الرسول فكثيرة، وهي مجموع الآيات التي نزلت في فضل علي وأبنائه المعصومين  .

وأخصها الآية التي تقدمت لأن تعطي معنى الولاية بوجهها الإجمالي، فقول الرسول (من كنت مولاه فعَليّ مولاه) ينطبق مع قول الله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.

وينطبق مع قول الله تعالى: إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7] فالمنذر هو الرسول والهادي هو الإمام كما رُوِيَ عن المعصومين.

وقال تعالى: فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران:61] فالنفس هو أمير المؤمنين، وهذا الإقتران يفيد معنى الحديث، ثم إنّ جميع أحاديث النبيّ وإن اختلف لفظُها وتعدّدت أماكن صدورها فإنها تُفيد معنى الوَلاية والخِلافة والإمامة وهذا غير خاف على أهل البصيرة والعلم.

  • وأما السؤال عن تعدّد ورود هذا الحديث، فلم يَرد بمَبناه إلاّ يوم الغدير، أمّا بمعناه: فقد ورد كثيرًا ابتداءً من بيعة الدار وصولاً إلى يوم الغدير.

أسأل الله تعالى أن يَعُمّنا بفضله إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
9\11\2011