المقدمة

أُضيف بتاريخ الأحد, 31/10/2010 - 10:18

بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله الذي خلق الشيء وضده دليل على وحدانيته، وأقام الموجودات وأدامها بقدرته، وانفرد عنها وباينها بعظمته، الأول الذي لا بداية لأزليته، والآخر الذي لا نهاية لسرمديته، الظاهر بعجائب تدبير صنعته، والباطن عن الإدراك والتصوير بحكمته، والصلاة والسلام على محمد خير بريته والمعصومين من عترته.

  أما بعد

  الهوية العلوية كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها باسق، ونيلها وشرف الانتماء إليها يشترط مقدمات واجبة لا تخفى على أهل الدراية والفكر:

  • أبرزها طهارة المولد 1 لأن ولاية علي لا تستقر في قلوب أبناء الزنى.
  • وطيب الأخلاق لوجوب نقاوة النفس من رواسب الصفات الذميمة لتتقبل الولاية الهادية.
  • والتسليم لأهل العصمة في كل ما ورد عنهم لأن الرد عليهم خروج عنهم.
  • والاقتداء بهم قولاً وفعلاً لأن من شروط المحبة متابعة المحبوب.
  • والإخلاص في محبتهم سراً وعلانية حتى يُصبح الموالي صورة تُعَبّر عن ولائِه فيَصُحَّ انتسابه إليها وهيكلاً مُزداناً لترائيها.

  وقد سعى الكثيرون إلى إلغاء هذه الهَوية المُثلى لأن بروزها يُظهر مساؤهم ولكنها أبت إلا البُروز والظهور السَني مع ما تعرّضت له من الأهوال على مَرّ التاريخ.

  لستُ في صدد الدخول في التفاصيل فهي معروفة وقد سجّلها التاريخ وستقرؤها الأجيال الصاعدة. لكن
لا بد من التذكير ببعض المحاولات التي قام بها البعضُ إبتداءً من حركة السيد موسى الصدر ومروراً بدعوة المهلب حسن المدعومة من الخارج، ومؤخراً قام أحد المُجَندين لتغيير معالم هذه الهوية وهو الشيخ محمد حسن البادياني النيسابوري الذي وضع دراسة عن المسلمين العلويين تحت عنوان ( العلويون هم أتباع أهل البيت ) وقد تضمنت الكثير من المغالطات التي لا يجوز السكوت عنها وقمت بالرد على بعضها باختصار في كتابي ( الدعوة ذات الشبهة )، الذي لاقى استحسانا عند المنصفين واستقباحاً عند المفسدين، والحمد لله فأبناء البيت العلوي لم يعبئوا بالبادياني ودعوته ذات الشبهة إلا قلة قليلة من مُدَّعي الولاء والمتاجرين بنهجهم، فباءت محاولته بالفشل كغيره من الدُعاة المتطفلين وما أكثرهم.

  وبعد سقوط مشروع الشيخ البادياني  تطوّع أحدُ مُقرظيه ومُشجعيه للثأرِ له ومُتابعة ما بَدأه وذلك بواسطة الضّرب من الداخل فوضع كتاباً يتضمن في طيّاته سموماً قاتلة لا يمكن السكوت عنها، وهذا المتطوع هو الأستاذ محمد علي أسبر، والكتاب هو ( أحاديث وأخبار موضوعة).

  غاية الكاتب بارزة في كتابه وهي الهجوم بطريقة مُبَطنة في البداية ومُعلنة في النهاية على السيد أبي سعيد ميمون بن القاسم الطبراني وغيره من الأعلام المجاهدين والهدف من ذلك معروف.
وإلصاق التهم بأبناء الولاية العلوية ليقوم فيما بعد كما يتوهم بعملية إنقاذهم مما نسبه إليهم من طريق أحد ثقاتهم ليظهر في النهاية بصورة البطل المُنقذ الذي أنقذ شعباً من ضلاله، مُتناسياً أنه ولد في بيوتهم وأكل من خيراتهم، ونَسّب نفسهم إليهم، وهو مُدّعي في هذا المجال وسنثبت ذلك من أقواله.

  هذا الكاتب وكما هو معروف في الأوساط العلمية والشعبية سخّر قلمه منذ البداية للنَيل من أبناء هذه الطائفة ابتداءً من كتابه ( عاداتنا وتقاليدنا ) الذي ضمنّه أكاذيباً وأوهاماً ما أنزل الله بها من سلطان، وانتهاءً بهذا الكتاب المَشبوه، وهو أمرٌ غريبٌ، والغرابة في ذلك أننا كلما استبشرنا لوجود أقلامٍ مثقفةٍ نُفاجئ فيما بعد أنها تتوجّه إلينا عِوضاً من أن تكون سَنداً لنا في وجه المُفترين، والمُضحك أنّ أصحاب هذه الأقلام المُعادية يُكافَؤون على أعمالهم بالمَناصب المَادية والشهادات الفَخرية الخالية من أي مضمون جَوهري وذلك من جهات معروفة لا ترى وجوداً إلا لنفسها المُضطربة، فليهنئوا بها.

يُضحكني أولئك الساعون خلف بريق الألقاب لنيلها مهما كلف ذلك من ثمن:

  • فما هي قيمتها المَعنوية
  • وما هي الزيادة المبتغاة منها المتعلقة بجوهر الإنسان
  • وما فائدتها بالنسبة للنفس الفاعلة
  • وما وزنها أمام قدسية العبودية لله تعالى
  • إنّه مرضٌ نفسي وهَوَسٌ غير طبيعي.
  • 1 روى أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتابه المحاسن عن يعقوب بن يزيد وعبد الرحمن بن حماد الكوفي عن أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن الحسين بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال:
    قال رسول الله (ص): من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أولى النعم .
    قلت: وما أولى النعم ؟
    قال: طيب الولادة، والله لا يحبنا إلا من طابت ولادته .

      وعنه عن عبد الله بن محمد الحجال عن ابي عبد الله المدائني قال:
    قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا برد على قلب أحدكم حبّنا فليحمد الله على أولى النعم .
    قلت: على فطرة الإسلام ؟
    قال: لا ولكن على طيب المولد، أنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته، ولا يبغضنا إلا الملزّق الذي تأتي به أمه من رجل آخر فتلزمه زوجها فيطلع على عوراتهم ويرث أموالهم فلا يحبّنا ذلك أبداً، ولا يحبنا إلا من كان صفوة من أيّ الجيل كان .