الفتاوى التي تُحرم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد منشؤها وَهّابي بحت وهي دليل تعصب وانغلاق وليست من الدين في شيء.. لا يجوز تكفير الآخرين.. الخلافة الإسلامية التي يدعو إليها البعض هي خلافة مذهبية لا جدوى من السعي لتحقيقها ونزع التعصب والفرقة أولى...

أُضيف بتاريخ الأثنين, 09/09/2013 - 13:36

المرسل: أبو اسكندر \25\12\2012م

بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ حسين المظلوم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذا الزمن الذي نعيشه عصر فقهاء السلاطين ، عصر مشائخ التكفير، وعصر فتاويهم لشؤون ما تحت الحزام تحديداً ثم ما فوقه، عصر الذبح وفصل الرؤوس عن أجسادها، عصر تقطيع الأجساد واغتصاب النساء وتهجير الناس .. عصر السرقة والفساد والظلم والكذب والدجل والنفط والدولار والعهر والفجور والإجرام والإرهاب...إلخ
طالعنا بعض مشائخ طرابلس بكلام لا نستغرب أن يصدر عنهم طالما دينهم ومعبودهم هو هواهم -الذي تحت الحزام- فقالوا بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام ما يلي: (من المحرم على المسلمين المشاركة في أعياد غير المسلمين (كعيد الميلاد) ولا نؤمن بعيد الميلاد..).
وقالوا: (نسعى إلى الخلافة الإسلامية ولا مساواة بين المسلم والكافر..).
فماذا يقول الدين الإسلامي المحمدي العلوي في مشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم؟
وماذا يقول في تكفير الآخرين وكيفيّة معاملتهم والتعامل معهم؟
وما هي الخلافة الإسلامية التي ينشدها أولئك التكفيريون المجرمون؟! أوليس المكتوب يُقرأ من عنوانه! فكيف ستكون خلافة إسلامية والمسلمون يكفّرون بعضهم بعضاً فضلاً عن تكفيرهم لغير المسلمين..
عجّل الله فرجنا يظهور القائم المهدي عليه السلام.
ودمتم سيدي ودام فضلكم والسلام عليكم. 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين، وأصحابه المنتجبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة والدين.

الأخ الفاضل السيد أبو إسكندر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  بالنسبة للفتاوى التي تُحرم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد فإنها مبنية على التعصب والانغلاق وليست هي من الدين والفقه في شيء، ومنبتها شيوخ التعصب من الوهابيين المنغلقين على أنفسهم الذين لا يرون الحق إلا عندهم مع جرأتهم على الله في تكفير باقي المسلمين.

  هذه الفتوى لها نظيراتها وإليك بعض الأمثلة:
  فقد أفتت هيئة سلفية ذات ثقل في مصر بعدم جواز تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، مؤكدة أن «مشاركة وتهنئة النصارى وأهل الملل في المناسبات الدينية التي هي من أخص ما تتمايز به الشرائع غير محللة، باتفاق الأصل بأن لكل قوم عيدا».

  وأفتى رئيس حزب سلفي، بعدم جواز إرسال تهنئة للمسيحيين في أعيادهم.

  وقد رفض علماء الأزهر الشريف فتاوى عدم جواز تهنئة المسيحيين قائلين إنه «لا يجوز التحريم إلا بنص، والتهنئة من السنة فعلا وعملا».

  وردا على سؤال ورد إليها حول حكم تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، قالت «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» (السلفية): إن «الأصل في الأعياد الدينية أنها من خصوصيات كل ملة ونحلة، فكل أهل ديانة شرّعت لهم أعياد وأيام لم تشرع لغيرهم، فلا تحل المشاركة، ولا التهنئة في هذه المناسبات الدينية، التي هي من أخص ما تتمايز به الشرائع باتفاق».
  ومن أبرز رموز هذه الهيئة الداعية السلفي محمد حسان، وخيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح الرئاسي المستبعد، والدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية.
  وأشارت «الهيئة الشرعية» في فتواها إلى أنه «فيما يتعلق بالمناسبات الدنيوية، فلا حرج في برهم والإقساط إليهم وتهنئتهم، في مناسبات زواج أو ولادة مولود أو قدوم غائب، وشفاء مريض وعيادته، وتعزية في مصاب، ونحو ذلك، لا سيما إذا كان في هذا تأليف للقلوب على الإسلام، وإظهار لمحاسنه».

  وأفتى رئيس حزب الأصالة (السلفي) عادل عبد المقصود، بعدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وقال إن «الحزب لن يبعث بأي تهنئة للمسيحيين، ولن يشاركهم في أعياد الكريسماس أو أعياد الميلاد».

  وقد ردّ على هذه الفتاوى، الشيخ علي عبد الباقي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، قائلاً:
«هذه الفتاوى بها جانب من التشدد الذي لم يرد في الإسلام، فلو نظرنا إلى الرسالة كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعيد على أهل الكتاب، على الرغم من أنهم كانوا يضعون الأذى له في الطريق».
  وقال:
«التهنئة من السنة فعلا وعملا، والقرآن نفسه يلفت النظر إلى المعاملات بين الإنسان والإنسان، ويقول تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين» والمسيحيون لا يقاتلوننا في الدين؛ بل على العكس، يقاتلون معنا أعداء الله وأعداء الوطن، ويبنون معنا البلاد، لأنها تخص الجميع».
  وأوضح أنّ الإسلام يحث على المحبة وعلى التسامح، والرسالات السماوية لم تنه عن المعاملة بين أبناء الملة والأخرى.

  وقال الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر، مخاطبا أصحاب الفتاوى:
«فليأتوا بنص من الإسلام أو الديانات الأخرى يحرم التهنئة، فنحن أحوج إلى كلمة طيبة للإصلاح بين اثنين وليس بين الملايين، يقول الله تعالى: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بَيْنكم)».

  وقال الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق، إنه «لا يجوز التحريم إلا بنص لقوله تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام)، والمسيحيون يعيشون جنباً إلى جنب مع المسلمين، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، فأقول (من أراد أن يُهنّئ لا شيء عليه، ومن لم يُهنّئ لا شيء عليه)».

  ووصف الدكتور مصطفى النجار، عضو البرلمان المصري المنحل، الفتاوى بـ«المؤسفة التي تخالف منهج الأزهر الوسطي». وطالب النجار بتقنين تشكيل الهيئات المتحدثة باسم الدين عبر معايير حتى لا نرى هذه الممارسات التي تضر بالمجتمع وتلاحمه الوطني.

  وبالنتيجة فتهنئة المسيحيين بعيد الميلاد غير محرم شرعاً ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ما ينهي عن ذلك، ومن أفتى من دون نص فقد خالف الكتاب والسنة النبوية.

  إن هذه الفتاوى الباطلة منشؤها وهابي بحت وهي دليل تعصب وانغلاق وليست من الدين في شيء.

  أما فيما يتعلق بتكفير الآخرين فلا يجوز إلا بدليل قاطع على أن المُكفر كفر بالله أما إطلاق الأحكام عشوائياً فهو دليل جهل.

  أما بالنسبة للخلافة الإسلامية التي يدعو إليها البعض فهي خلافة مذهبية لأنهم لا يعترفون إلا بمن كان على مذهبهم، وهذا جَلي ولا يحتاج إلى دليل.

  أما الخلافة الإسلامية الجامعة بمعناها السامي فلا يمكن تحققها وقيامها إلا عند ظهور إمام العصر عليه السلام .

وقبل الختام لا بد من طرح هذه الأسئلة:

  • ما هي مواصفات الخليفة؟
  • وفي حال تعينها فهل يمكن أن تنطبق على أحد ؟
  • كيف يمكن مبايعته مع وجود هذا الكم الهائل من المسلمين ؟
  • كيف يمكن أن يحكم مع وجود الخلاف المذهبي وتعدد المذاهب ؟
  • إذا كان الخليفة سني فهل سيعترف بالشيعة والأقليات الأخرى ؟.
  • كيف سيتعامل مع العلمانيين ؟
  • كيف سيتعامل مع المسيحيين ؟
  • ما هو النظام السياسي الذي سيطبقه ؟

وأسئلة كثيرة تدل على أن السعي إلى تحقيق هذه الخلافة لا جدوى منه، والأَوْلى العمل على نزع التعصب والفرقة لأنهما يخدمان أعداء هذا الدين.

  والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
3\9\2013



هنا إعلان هذا الموضوع على صفحتنا في الفايسبوك.