(ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) التعقيب على الجواب السابق عن وقت الإفطار.

أُضيف بتاريخ الخميس, 25/06/2015 - 14:47

 

بَيَانُ الإِجَابَةِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

كُنْتُ قَدْ قَدَّمْتُ فِي الجَوَابِ عَنْ وَقْتِ الإِفْطَارِ أَنَّ فِي تَحْدِيْدِ الأَوْقَاتِ رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةً، وَلا بَأْسَ بِالأَخْذِ بِأَيِّ رِوَايَةٍ مِنْهَا؛ لأَنَّ تَصْنِيْفَهَا فِي كُتُبِ العِبَادَاتِ عَلَى القَوِيِّ وَالضَّعِيْفِ وَالمَجْهُولِ وَالمَتْرُوكِ، لَيْسَ تَصْنِيْفًا مَعْصُومًا، وَإِنَّمَا رَأْيٌ يَظُنُّ صَاحِبُهُ أَنَّهُ صَوَابٌ.

وَأَشَرْتُ إِلَى وُرُودِ رِوَايَةٍ تُجِيْزُ الإِفْطَارِ مَع بَدْءِ الأَذَانِ، وَإِلَى أُخْرَى تُجِيْزُ الإِفْطَارَ مَع غِيَابِ قُرْصِ الشَّمْسِ، وَإِلَى رِوَايَةٍ تُوْجِبُ الاحْتِيَاطَ بِالانْتِظَارِ إِلَى ذَهَابِ الحُمْرَةِ المَشْرِقِيَّةِ.

وَأَنَّ الأَسْلَمَ هُوَ الذّهَابُ إِلَى جَوَازِ الإِفْطَارِ بِأَيِّ رِوَايَةٍ مِنْ تِلْكَ الرّوَايَاتِ، وَذَلِكَ لأَنَّ الأَخْذَ بِوَاحِدَةٍ لا يَقْتَضِي بُطْلانَ الأُخْرَى، وَكُلُّهَا مِنْ طَرِيْقِ أَهْلِ البَيْتِ، لا يَسْتَطِيْعُ فَقِيْهٌ الجَزْمَ بِصِحَّةِ وَاحِدَةٍ وَبُطْلانِ أُخْرَى، وَلِكُلٍّ مَنْهَجٌ فِي النَّظَرِ فِي الرّوَايَاتِ، فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُ الفُقَهَاءِ إِلَى الاعْتِضَادِ بِرِوَايَةٍ مَا، لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ خَطَأَ غَيْرِهِ بِالاعْتِمَادِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَهَذِهِ لَمْحَةٌ إِلَى مَا يَتَّصِلُ بِتَحْدِيْدِ وَقْتِ الإِفْطَارِ، وَمَا يُسْتَشْهَدُ لَهُ بِالقُرْآنِ وَالحَدِيْثِ.

الكَلامُ عَلَى الآيَة (187 ) مِنْ سُورَةِ البَقَرَة

قَالَ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

الإِشْكَالُ فِي دَلالَةِ لَفْظَةِ ﴿ اللَّيْل ﴾

مَا المُرَادُ بِكَلِمَةِ (اللَّيْل) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ.

  • فِي مَقَايِيْسِ اللُّغَةِ (( اللَّيْل: خِلافُ النَّهَارِ )) 1
  • وَفِي لِسَان العَرَب: (( اللَّيْلُ: عَقِيْبُ النَّهَارِ )) 2
  • وَفِي تَاجِ العَرُوس: (( اللَّيْلُ: ضِدُّ النَّهَارِ )) 3

التَّحْدِيْدُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ

فِي لِسَانِ العَرَبِ: (( اللَّيْلُ: عَقِيْبُ النَّهَارِ، وَمَبْدَؤهُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ..)) 4

وَفِي القَامُوس المُحِيْط: (( اللَّيْلُ وَاللّيْلاةُ: مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ أَو الشَّمْسِ )) 5

وَفِي تَاجِ العَرُوس: (( حَدُّهُ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ، أَو إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ )) 6

الاخْتِلافُ وَتَعَدُّدُ المَعَانِي

اخْتِلافُ تَفَاسِيْرِ اللَّيْلِ: بِضِدِّ النَّهَارِ، وَخِلافِ النَّهَارِ، وَعَقِيْب النَّهَارِ، وَظَلامِ اللَّيْلِ، وَتَقْيِيْدِ إِطْلاقِهِ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ، وَمِنْهَا فِي لِسَانِ العَرَب: (( النَّهَارُ: اسْمٌ لِكُلِّ يَومٍ، وَاللَّيْلُ: اسْمٌ لِكُلِّ لَيْلَةٍ )) 7

ثُمَّ التَّفْرِيْقُ بَيْنَ اليَومِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْهُ فِي الكُلِّيَّاتِ: (( اليَومُ: هُوَ لُغَةً مَوْضُوعٌ للوَقْتِ المُطْلَقِ لَيْلاً أَو غَيْرَهُ.... وَعُرْفًا: مُدَّةُ كَونِ الشَّمْسِ فَوقَ الأَرْضِ، وَشَرْعًا: زَمَانٌ مُمْتَدٌّ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، بِخِلافِ النَّهَارِ فَإِنَّهُ زَمَانٌ مُمْتَدٌّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: صُمْتُ اليَومَ، وَلا يُقَالُ: صُمْتُ النَّهَارَ )) 8

ثُمَّ الاخْتِلافُ فِي تَحْدِيْدِ مَبْدَأِ النَّهَارِ، وَاليَومِ، عَلَى عُرْفَيْنِ:

  1. عَلَى عُرْفِ المُنَجِّمِيْنَ أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَو مِنْ طُلُوعِ جِرْمِ الشَّمْسِ وَلَو بَعْضِهَا إِلَى غُرُوبِ تَمَامِ جِرْمِهَا، فَيَكُونُ مَبْدَأُ اللَّيْلِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، أَو مِنْ غُرُوبِ تَمَامِ جِرْمِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِهِ.
  2. وَعَلَى عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ، أَو مِنْ طُلُوعِ الصُّبْحِ الصَّادِقِ إِلَى غُرُوبِ تَمَامِ جِرْمِ الشَّمْسِ، فَيَكُونُ مَبْدَأُ اللَّيْلِ مِنْ مُجَاوَزَةِ الأُفُقِ الغَرْبِيِّ مِنْ حَيْثُ تَظْهَرُ الظُّلْمَةُ فِي جَانِبِ الشَّرْقِ، أَو مِنْ غُرُوبِ تَمَامِ جِرْمِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الصُّبْحِ الصَّادِقِ. 9

وَالقَولُ:

  • النَّهَارُ العُرْفِيُّ: أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَآخِرُهُ غُرُوبُهَا.
  • وَالنَّهَارُ الشَّرْعِيُّ: أَوَّلُهُ طُلُوعُ الفَجْرِ الثَّانِي، وَآخِرُهُ غُرُوبُ الشَّمْسِ، فَيُخَالِفُهُ فِي الابْتِدَاءِ وَيُوَافِقُهُ فِي الانْتِهَاءِ. 10

الذّي دَلَّ عَلَى تَعَدُّدِ المَعَانِي، يُعَلِّلُ اخْتِلافَ الرِّوَايَاتِ؛ لأَنَّهَا بِحَسَبِ المُتَعَارَفِ عِنْدَ النَّاسِ، لِيَعْلَمُوا مَا كُلِّفُوا.

الرِّوَايَاتُ فِي المَنْقُولِ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ 

تُقْسَمُ الرِّوَايَاتُ فِي تَحْدِيْدِ وَقْتِ المَغْرِبِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ بِحَسَبِ أَلْفَاظِهَا:

  1. مِنْهَا: ذَهَابُ الحُمْرَةِ المَشْرِقِيَّةِ،
  2. وَمِنْهَا: غِيَابُ قُرْصِ الشَّمْسِ،
  3. وَمِنْهَا: غُرُوبُ الشَّمْسِ.

القِسْمُ الأَوَّلُ: ذَهَابُ الحُمْرَةِ المَشْرِقِيَّةِ

فِي الكَافِي وَفِي تَهْذِيْبِ الأَحْكَامِ وَفِي الاسْتِبْصَارِ وَفِي وَسَائِلِ الشِّيْعَةِ وَفِي بِحَارِ الأَنْوَارِ وَفِي عِلَلِ الشَّرَائِعِ:

(( ... عَنِ الإِمَامِ الصَّادِق : وَقْتُ المَغْرِبِ إِذَا ذَهَبَتِ الحُمْرَةُ مِنَ المَشْرِقِ ....)) 11

القِسْمُ الثَّانِي: غِيَابُ قُرْصِ الشَّمْسِ

فِي الكَافِي وَفِي تَهْذِيْبِ الأَحْكَامِ وَفِي الاسْتِبْصَارِ وَفِي وَسَائِلِ الشِّيْعَةِ، وَفِي مَنْ لا يَحْضُرُهُ الفَقِيْه:

(( ... عَنِ الإِمَام الصَّادق : وَقْتُ المَغْرِبِ إِذَا غَابَ القُرْص..)) 12

القِسْمُ الثَّالِثُ: غُرُوبُ الشَّمْسِ

فِي الكَافِي وَفِي تَهْذِيْبِ الأَحْكَامِ وَفِي الاسْتِبْصَارِ وَفِي وَسَائِلِ الشِّيْعَةِ وَفِي بِحَارِ الأَنْوَارِ:

(( عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ : (( وَقْتُ المَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَغَابَ قُرْصُهَا )) 13

تَحْدِيْدُ اللَّيْلِ

مِمَّنْ ذَكَرَ حَدَّ اللَّيْلِ، الشَّرِيْفُ المُرْتَضَى: (( اللَّيْلُ: امْتِدَادُ الظَّلامِ مِنْ أَوَّلِ مَا يَسْقُطُ قُرْصُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ الصُّبْحُ )) 14

اسْتِقْرَارُ العُرْفِ

أَشَارَ المَجْلسِيّ إِلَى اسْتِقْرَارِ العُرْفِ العَامِّ وَالخَاصِّ عَلَى جَعْلِ أَوَّل النَّهَارِ الفَجْر، وَأَوَّل اللّيْل الغُرُوبُ؛ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ النَّاسَ لَمَّا كَانُوا فِي اللّيْلِ فَارِغِيْنَ عَنْ أَعْمَالِهِم الضّرُورِيّة؛ للظُّلْمَةِ المَانِعَةِ، فَاغْتَنَمُوا شَيئًا مِنَ الضِّيَاءِ لِحَرَكَتِهِم وَتَوَجُّهِهِم إِلَى أَعْمَالِهِم الدِّيْنِيّةِ وَالدُّنْيَوِيّةِ، وَفِي اللّيْلِ بِالعَكْسِ؛ لأَنَّهُم لَمَّا كَلُّوا وَمَلُّوا مِنْ حَرَكَاتِ النَّهَارِ وَأَعْمَالِهِ، اغْتَنَمُوا شَيئًا مِنَ الظُّلْمَةِ لِتَرْكِهِم ذَلِكَ ، فَلِذَا اخْتَلَفَ الأَمْرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ، وَمَا وَقَعَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الزَّوَالَ نِصْفُ النَّهَارِ، فَهُوَ عَلَى التَّقْرِيْبِ وَالتَّخْمِيْنِ... 15

وَكَانَ نَقَلَ مِنْ كَلامِ البَيرونِيّ:

(( اليَوم بِانْفِرَادِهِ وَالنَّهَار بِمَعْنىً وَاحِدٍ، وَهُوَ مِنْ طُلُوعِ جِرْمِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهِ، وَاللّيلُ بِخِلافِ ذَلِكَ وَعَكْسه، بِتَعَارُفٍ مِنَ النَّاسِ قَاطِبَةً فِيْمَا بَيْنَهُم، وَاتِّفَاقٍ مِنْ جُمْهُورِهِم لا يَتَنَازَعُونَ فِيْهِ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الفِقْهِ فِي الإِسْلامِ حَدَّ أَوَّلَ النَّهَارِ بِطُلُوعِ الفَجْرِ، وَآخِرَهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ تَسْوِيَةً مِنْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُدَّةِ الصَّومِ.

وَاحْتَجَّ بِقَولِهِ تَعَالَى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ

فَادَّعَى أَنَّ هَذَيْنِ الحَدَّيْنِ هُمَا طَرَفَا النَّهَارِ، وَلا تَعَلُّقَ لِمَنْ رَأَى هَذَا الرَّأْيَ بِهَذِهِ الآيَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ..... وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَدَّ أَوَّلَ الصَّومِ بِطُلُوعِ الفَجْرِ وَلَمْ يَحُدَّ آخِرَهُ بِمِثْلِهِ، بَلْ أَطْلَقَهُ بِذِكْرِ اللَّيْلِ فَقَط؛ لِعِلْمِ النَّاسِ بِأَسْرِهِم أَنَّهُ غُرُوبُ قُرْصِ الشَّمْسِ...)) 16

نَقْدُ تَوْجِيْهِ الرّوَايَاتِ

اخْتِلافُ الفُقَهَاءِ فِي تَحْدِيْدِ أَوَّلِ اللَّيْلِ، أَيَكُونُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، أَم بِذَهَابِ الحُمْرَةِ المَشْرِقِيَّةِ، لا يُسْقِطُ رِوَايَةً مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلا يَقْتَضِي مَيْلُ مُصَنِّفٍ إِلَى تَوْجِيْهِ رِوَايَةٍ بِمُوَافَقَةِ العَامَّةِ، وَحَمْلِهَا عَلَى التَّقِيَّةِ، بُطْلانَ تِلْكَ الرِّوَايَةِ؛ لأَنَّهُ رَأْيٌ قَدْ يُخْطِئُ صَاحِبُهُ، وَقَدْ يُصِيْبُ غَيْرُهُ، وَلا عِصْمَةَ لِبَشَرٍ مِنْ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَضْمَنَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الإِمَامُ غَيْرَ مَا أَرَادَ، وَمَنْ يَضْمَنُ.

وَفِي الاخْتِلافِ المُشَارِ إِلَيْهِ فِي هَذَا التَّعْقِيْبِ، وَتَعَذُّرِ الجَزْمِ بِتَحْدِيْدِ شَيءٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ القُرْآنُ الكَرِيْمُ، وَتَعَدُّدِ الرِّوَايَاتِ، مَا يُجِيْزُ الأَخْذَ بِهَا جَمِيْعًا؛ وَذَلِكَ لأَنَّ مَقَايِيْسَ تَصْنِيْفِ الرّوَايَاتِ لا تَسْلَمُ مِنْ نَقْدٍ بَعْدَ تَأَمُّلِ مَا تُصَنَّفُ بِهِ عَلَى قَوِيٍّ وَضَعِيْفٍ مِنْ جِهَةِ السَّنَدِ أَو المَتْنِ.

وَالذّي أَعْمَلُ بِهِ مَع تَعَدُّدِ الرِّوَايَاتِ هُوَ جَوَازُ العَمَلِ بِهَا جَمِيْعًا، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ سَلامَةً مِنْ تَبِعَةِ الجَزْمِ بِمُرَادِ الأَئِمَّةِ، وَالاحْتِيَاطُ فِي تَيْسِيْرِ العَمَلِ وَتَخْفِيْفِ التَّكْلِيْفِ أَفْضَلُ فِيْمَا أَرَى مِنَ القَطْعِ بِصِحَّةِ الاحْتِيَاطِ بِمُقَيَّدٍ، قَدْ يَكُونُ لَهُ مِنَ العِلَلِ مَا خَفِيَ عَلَيَّ وَجْهُهُ.

وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الإِفْطَارَ لِغِيَابِ قُرْصِ الشَّمْسِ، أَو لِذَهَابِ الحُمْرَةِ، صَحِيْحٌ لَيْسَ فِي إِجَازَةِ كِلَيْهِمَا حَرَجٌ، إِنْ شَاءَ اللهُ.

وَمَا كُلُّ شَيءٍ عَمِلَ بِهِ غَيْرُنَا، وَجَبَ إِسْقَاطُهُ بِتَعْلِيْلِ مُخَالَفَةِ المُخَالِفِ، فَمَا هُوَ فِيْمَا أَعْلَمُ بِالسَّبَبِ المَتِيْنِ الذّي لا يُدْفَعُ وَلا يُرَدُّ.

وَمَا كَانَ ذَلِكَ التَّعَدُّدُ إِلاَّ رَحْمَةً، فَلَيْسَ النَّاسُ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاء فِي صَبْرِهِم وَاحْتِمَالِهِم، وَمَا عَلَّلَ بِهِ بَعْضُ الفُقَهَاءِ العَمَلَ بِمَا رُوِيَ مِنْ ذَهَابِ الحُمْرَةِ المَشْرِقِيَّةِ دُوْنَ غَيْرِهِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَو غِيَابِ قُرْصِهَا بِلا نَظَرٍ إِلَى ذَهَابِ الحُمْرَةِ أَو بَقَائِهَا، لَيْسَ فِيْمَا أَرَى بِالتَّعْلِيْلِ القَوِيِّ.

هَذَا رَأْيِي، وَلِكُلٍّ أَنْ يَخْتَارَ مَا يَرَى، وَأَنْ يُقَلِّدَ مَنْ أَحَبَّ وَوَثَّقَ.


وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ. 

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
25\6\2015

 

  • 1معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس، طبعة اتحاد الكتاب العرب\2002م. 5\225.
  • 2لسان العرب لابن منظور، دار صادر\بيروت\ط3 \ 1994م. 11\607.
  • 3تاج العروس من جواهر القاموس، للزبيدي، تح علي شيري، دار الفكر\بيروت\ط1994. 15\677.
  • 4لسان العرب 11\607.
  • 5القاموس المحيط، للفيروز آبادي، تقديم محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي\بيروت\ط2\2003م. ص974.
  • 6تاج العروس 15\677. وفي محيط المحيط لبطرس البستاني. مكتبة لبنان ناشرون، إعادة طبع 1998م. ص 824.
  • 7لسان العرب 11\607.
  • 8الكلّيّات، لأبي البقاء الكفوي، أعده للطبع د عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة \بيروت\ط2\1993م. ص 981.
  • 9بتصرف من الكليات ص 981. وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، تح د علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون\ط1\1996م. 2\ 1815.
  • 10بحوث في التقاويم. عبد الكريم محمد نصر. دار البشائر\دمشق\ط1\1991م. ص 10.
  • 11فروع الكافي 1\264. (172) باب وقت المغرب والعشاء الآخرة. حديث(1). تهذيب الأحكام 2\28. (4) باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها. حديث 83\34. الاستبصار 1\265. (149) باب وقت المغرب والعشاء الآخرة. حديث 959\20. تفصيل وسائل الشيعة 4\173. (16) باب أن أول وقت المغرب غروب الشمس المعلوم بذهاب الحمرة المشرقية. حديث 4829\3. بحار الأنوار مج33\ج80\156. (8) باب وقت العشائين. حديث28. علل الشرائع 2\46. باب (60) العلة التي من أجلها صار وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق.
  • 12فروع الكافي 1\264. (172) باب وقت المغرب والعشاء الآخرة. حديث(1). تهذيب الأحكام 2\28. (4) باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها. حديث 83\34. الاستبصار 1\265. (149) باب وقت المغرب والعشاء الآخرة. حديث 959\20. تفصيل وسائل الشيعة 4\173. (16) باب أن أول وقت المغرب غروب الشمس المعلوم بذهاب الحمرة المشرقية. حديث 4829\3. بحار الأنوار مج33\ج80\156. (8) باب وقت العشائين. حديث28. علل الشرائع 2\46. باب (60) العلة التي من أجلها صار وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق.
  • 13فروع الكافي 1\265. (172) باب وقت المغرب والعشاء الآخرة. حديث(6). تهذيب الأحكام 2\30. (4) باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها. حديث 95\46. الاستبصار 1\266. (149) باب وقت المغرب والعشاء الآخرة. حديث 965\26. تفصيل وسائل الشيعة 4\156. (10) باب أوقت الصلوات الخمس وجملة من أحكامها. حديث 4791\2. من لا يحضره الفقيه مسندا إلى الباقر (ع)1\210. (32) باب مواقيت الصلاة. حديث 656\10.
  • 14رسائل الشريف المرتضى، تقديم السيد أحمد الحسيني، منشورات دار القرآن الكريم\ إيران\ المجموعة الثانية\1405هـ. ص 281.
  • 15بحار الأنوار مج22 \477. ( 15 ) باب الأيام والساعات والليل والنهار.
  • 16بحار الأنوار مج22 \476. ( 15 ) باب الأيام والساعات والليل والنهار.