عن صوم الحامل والمرضع ؟

أُضيف بتاريخ الخميس, 02/07/2015 - 10:41

 

السُّؤَالُ: عَنْ صَومِ الحَامِلِ وَالمُرْضِع ؟

بَيَانُ الإِجَابَةِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

فِي تَفْسِيْرِ الآيَاتِ التّي ذُكِرَ فِيْهَا الصِّيَامُ عَلَى الوُجُوبِ وَالفَرْضِ وَالتَّخْيِيْرِ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالفِدْيَةِ، كَلامٌ عَلَى قِسْمَيْنِ:


القِسْمِ الأَوَّلِ

مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَولُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 183 أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ 184 شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 185 [ سورة البقرة ]

عَلَى التَّخْيِيْرِ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالفِدْيَةِ للصَّحِيْحِ، وَالرُّخْصَةِ للمَرِيْضِ وَالمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَا، ثُمَّ يَقْضِيَا فِي أَيَّامَ أُخَرَ، عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ دَلالَةِ الآيَاتِ. 

وَالمُفَسِّرُونَ فِيْهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُم مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ دَلالَةَ الآيَةِ 184 أَنَّ المَرِيْضَ وَالمُسَافِرَ لا يَصُومَانِ فِي حَالِ المَرَضِ وَالسَّفَرِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ المَشَقَّةِ عَلَيْهِمَا، بَلْ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَأَنَّ الصَّحِيْحَ المُقِيْمَ الذّي يُطِيْقُ الصِّيَامَ فَقَدْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الصِّيَامِ وَبَيْنَ الإِطْعَامِ، إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَومٍ مِسْكِيْنًا، فَإِنْ أَطْعَمَ أَكْثَرَ مِنْ مِسْكِيْنٍ عَنْ كُلِّ يَومٍ، فَهُوَ خَيْرٌ، وَإِنْ صَامَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الإِطْعَامِ.

وَبَقِيَتِ الحَالُ عَلَى هَذَا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ 185 فَنَسَخَتْهَا، فَصَارَ فَرْضُ الصِّيَامِ عَلَى الصَّحِيْحِ المُقِيْمِ مَكَانَ التَّخْيِيْرِ بَيْنَ الفِدْيَةِ وَالصِّيَامِ، وَبَقِيَتِ الرُّخْصَةُ للمَرِيْضِ وَالمُسَافِرِ. 1

وَمِنَ المُفَسِّرِيْنَ مَنْ أَنْكَرَ النَّسْخَ فِي هَذِهِ الآيَاتِ، وَعَدَّهُ لَعِبًا بِالقُرْآنِ، عَلَى أَنَّ المُرَادَ بِالذِّيْنَ يُطِيْقُونَهُ: الذِّيْنَ يَصُومُونَ بِمَشَقَّةٍ، وَلَيْسَ القَادِرُ عَلَى الصِّيَامِ بِلا شِدَّةٍ وَلا مَشَقَّةٍ. 2

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ، الشَّيْخ مُحَمّد جواد مغنية، عَلَى أَنَّ الطَّاقَةَ اسْمٌ لِمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الشَّيءِ مَع الشِّدَّةِ وَالمَشَقَّةِ، وَهَذَا هُوَ المُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّومِ، وَالإِفْطَارِ مَع الفِدْيَةِ، وَهِيَ إِطْعَامُ مِسْكِيْنٍ، عَلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٍ صَحِيْحَةً عَنْ أَهْلِ البَيْتِ 3

وَمُلَخَّصُ مَا أَوْرَدَهُ الشَّيخُ الطُوسِيّ فِي التِّبْيَانِ، وَالطّبرسِيّ فِي مَجْمَعِ البَيَانِ فِي المُرَادِ بِالذّيْنَ يُطِيْقُونَهُ، عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ.

  1. مِنْهَا: أَنَّ التَّخْيِيْرَ كَانَ للنَّاسِ جَمِيْعًا بَيْنَ الصِّيَامِ، وَبَيْنَ الإِفْطَارِ وَالتَّكْفِيْرِ بِفِدْيَةٍ طَعَام مِسْكِيْنٍ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ الصَّومِ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرِ، أَي: عَلَى الصَّحِيْحِ المُقِيْمِ.
     
  2. وَالقَولِ الثَّانِي: أَنَّ التَّخْيِيْرَ كَانَ رُخْصَةً للحَوَامِلِ وَالمَرَاضِع وَالشَّيخِ، ثُمَّ نُسِخَ مِنَ الآيَةِ الحَامِلُ وَالمُرْضِعُ، وَبَقِيَ الشَّيْخُ الكَبِيْرُ.
     
  3. وَالقَولُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لا نَسْخَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: وَعَلَى الذِّيْنَ كَانُوا يُطِيْقُونَ الصِّيَامَ، ثُمَّ صَارُوا لا يُطِيْقُونَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، أَنَّ مَعْنَاهُ: وَعَلَى الذِّيْنَ كَانُوا يُطِيْقُونَ الصَّومَ، ثُمَّ أَصَابَهُم كِبَرٌ أَوْ عُطَاشٌ، وَشِبْهُ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِم كُلَّ يَومٍ مُدٌّ. 4

عَلَى اخْتِلافِ قِرَاءَاتِ يُطِيْقُونَهُ فَقَدْ قُرِئَتْ: يُطَوَّقُونَهُ، أَي: يُجْعَلُ كَالطَّوقِ فِي أَعْنَاقِهِم، أَو يُكَلَّفُونَهُ وَيُقَلَّدُونَهُ، وَيَطَّبَّقُونَهُ، وَيَطَّوَّقُونَهُ، وَيُطَيَّقُونَهُ. 5


القِسْمُ الثَّانِي

فِيْمَا رُوِيَ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ وَمِنْهُ عَنِ الإِمَامِ البَاقِرِ :

(( الحَامِلُ المُقْرِبُ، وَالمُرْضِعُ القَلِيْلَةُ اللَّبَنِ، لا حَرَجَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُفْطِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لأَنَّهُمَا لا تُطِيْقَانِ الصَّومَ، وَعَلَيْهِمَا أَنْ يَتَصَدَّقَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَومٍ يُفْطِرُ فِيْهِ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ، وَعَلَيْهِمَا قَضَاءُ كُلِّ يَومٍ أَفْطَرَتَا فِيْهِ تَقْضِيَانِهِ بَعْدُ )) 6

وَفِيْمَا رُوِيَ عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ فِي تَفْسِيْرِ الآيَةِ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ
قَالَ: (( المَرْأَةُ تَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالشَّيْخ الكَبِيْرُ )) 7

وَفِيْمَا رُوِيَ عَنِ الإِمَامِ الهَادِي عَنِ المُرْضِعِ، أَنَّهُ قَالَ:

(( إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُمْكِنُهَا اتِّخَاذُ ظِئْرٍ، اسْتَرْضَعَتْ لِوَلَدِهَا، وَأَتَمَّتْ صِيَامَهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لا يُمْكِنُهَا أَفْطَرَتْ، وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، وَقَضَتْ صِيَامَهَا مَتَى مَا أَمْكَنَهَا )) 8

وَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُفْطِرُ، وَتَتَصَدَّقُ بِفِدْيَةٍ طَعَام مِسْكِيْنٍ، وَلا تَقْضِي الأَيَّامَ التّي أَفْطَرَتْ فِيْهَا؛ لأَنَّ الآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ العِدَّةَ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، أَي: الصِّيَام بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَان، إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ كَانَ مَرِيْضًا أَو عَلَى سَفَرٍ، وَلِذَلِكَ تُحْمَلُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ فِيْمَا أَرَى عَلَى تَبْيِيْنِ مَا يَجِبُ عَلَى الحَامِلِ وَالمُرْضِعِ إِذا أَرَادَتَا الصَّومَ بَعْدَ تَخْيِيْرِهِمَا بَيْنَ الصَّومِ وَالإفْطَارِ مَع الفِدْيَةِ، فَلَهُمَا الإِفْطَارُ وَلا شَيءَ عَلَيْهِمَا، إِلاَّ إِذَا أَرَادَا أَنْ يَصُومَا أَيَّامًا أُخَرَ مَكَانَ الأَيَّامِ التّي كَانَ الصِّيَامُ فِيْهَا شَاقًّا عَلَيْهِمَا، فَإِنَّهُمَا تَقْضِيَانِ وَتَتَصَدَّقَانِ، فَإِنَّ الدِّيْنَ رَحْمَةٌ وَيُسْرٌ وَلَيْسَ شِدَّةً وَعُسْرًا.

وَهَذَا سَوَاءٌ أَخَافَتَا عَلَى نَفْسَيْهِمَا، أَم خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا؛ لأَنَّ بَقَاءَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِهِمَا، وَالصِّيَامُ مِنْ أَجْلِ فَائِدَةِ الإِنْسَانِ وَخَيْرِهِ وَتَقْوِيَةِ جِسْمِهِ وَتَعْوِيْدِهِ الصَّبْرَ، وَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ إِرْهَاقِهِ وَالإِضْرَارِ بِهِ.

وَخَيْرُ قَاعِدَةٍ أَبْنِي عَلَيْهَا فِي هَذَا، ضَعَّفَهَا مُضَعِّفٌ أَمْ قَوَّاهَا، قَولُ الإِمَامِ الصَّادِقِ : (( كُلُّ مَا أَضَرَّ بِهِ الصَّومُ، فَالإِفْطَارُ لَهُ وَاجِبٌ )) 9

وَفِيْهَا يَخْرُجُ الصَّومُ مِنَ الوَاجِبِ، وَيُصْبِحُ الإِفْطَارُ وَاجِبًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الصِّيَامُ وَاجِبًا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّكْفِيْرُ عَمَّا لا يَجِبُ عَلَيْهِ.

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ بِسُقُوطِ قَضَاءِ الصَّومِ، العَلاّمَة الحلّي، فِي مُخْتلف الشِّيْعَةِ، وَرَدَّهُ الشَّيخ البحراني فِي الحَدَائِق النَّاضِرَة، وَمِنْهُ:

(( قَدْ نَقَلَ العَلاّمَة فِي المُخْتلف عَنِ الشَّيخ عَلِيّ بن الحُسَيْن بن بابويه، أَنَّهُ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَإِذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ للشَّيْخِ أَو الشَّابِّ أَو المَرْأة الحَامِل أَنْ تَصُومَ مِنَ العَطَشِ أَو الجُوع، أَو تَخَاف المَرْأةُ أَنْ يُضِرَّ بِوَلَدِهَا، فَعَلَيْهِم جَمِيْعًا الإِفْطَار، وَتَصَدُّقٌ عَنْ كُلِّ يَومٍ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ القَضَاء.

ثُمَّ قَالَ، قُدِّسَ سِرُّهُ، بَعْدَ نَقْلِ ذَلِكَ: وَهَذَا الكَلامُ يُشْعِرُ بِسُقُوطِ القَضَاء فِي حَقِّ الحَامِلِ  وَالمُرْضِعِ، وَالمَشْهُورُ بَيْنَ عُلَمَائِنَا وُجُوبُ القَضَاءِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِبَعْضِ الأَدِلَّةِ التَّخْرِيْجِيَّةِ.....

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الاحْتِجَاجَ الذّي نَقَلَهُ، إِنَّمَا هُوَ تَكَلُّفٌ مِنْهُ، قُدِّسَ سِرُّهُ....)) 10

عَلَى أَنَّ فِي تَفْصِيْلِ ذَلِكَ كَلامًا، لِمَا فِي وُجُوبِ الفِدْيَةِ وَسُقُوطِهَا، مِنِ اخْتِلافٍ فِي كُتُبِ الفِقْهِ، عَلَى الفَرْقِ بَيْنَ خَوفِ المَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا، وَعَلَى خَوْفِهَا عَلَى وَلَدِهَا.

فَفِي جَوَاهِرِ الكَلامِ:

(( فَمَا عَنْ عَلِيّ بن بابويه وسلار، مِنْ عَدَمِ وُجُوب القَضَاء، بَلْ لَعَلَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ عَدَمِ تَعَرّضِ الصّدوق وَعَلم الهُدَى لَهُ أَيْضًا، لا وَجْهَ لَهُ، بَلْ يَجِبُ مَع القَضَاءِ الصَّدَقَةُ عَنْ كُلِّ يَومٍ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ، إِذَا كَانَ الخَوفُ عَلَى الوَلَدِ، بِلا خِلافٍ أَجِدُهُ فِيْهِ.... 

أَمَّا إِذَا كَانَ الخوفُ عَلَى النّفْسِ خَاصَّةً، فَعَنْ ظَاهِرِ الأَكْثَرِ كَمَا فِي شَرْحِ الأصبهَانِيّ، وَالمَشْهُور كَمَا فِي المَسَالِك وَغَيْرِهَا، عَدَمُ وُجُوبِ الفِدْيَةِ حِيْنئذٍ، بَلْ فِي الدُّرُوسِ مَا يَقْضِي بِكَونِهِ ظَاهِر الأَصْحَاب.

قَال: لَو خَافَتِ المَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا دُونَ وَلَدِهَا فَفِي وُجُوبِ الفِدْيَةِ وَجْهَانِ، وَالرّوَايَةُ مُطْلَقَةٌ، وَلَكِنَّ الأَصْحَابَ قَيَّدُوا بِالوَلَدِ... مَع أَنَّ المَحْكِي عَنِ الصّدوقين وَابن حَمْزة وَالفَاضلين فِي المُعتبر وَالتّذْكِرة وَالمُنْتَهى وَالتّحرير، القَطْعُ بِتَسَاوِي الخَوفَيْنِ فِي وُجُوبِ الفِدْيَةِ...)) 11

وَفِي الحَدَائِق النّاضِرَة:

(( المَشْهُورُ فِي كَلامِ الأَصْحَابِ رضْوَان الله عَلَيْهِم.... بِأَنَّهُما إِنْ خَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَعَلَيْهِمَا القَضَاء، وَلا كَفَّارَة كَالمَرِيْضِ، وَكُل مَنْ خَاف عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَافَا عَلَى الوَلَدِ أَفْطَرَا وَقَضَيَا وَكَفَّرَا.

قَالَ العَلاّمَة فِي المُنْتَهَى... إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَعَلَيْهِمَا القَضَاءُ، وَهُوَ قَولُ فُقَهَاءِ الإِسْلامِ، وَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا..... وَلَو خَافَتَا عَلَى الوَلَدِ مِنَ الصَّومِ فَلَهُمَا الإِفْطَارُ أَيْضًا، وَهُوَ قَولُ فُقَهَاءِ الإِسْلامِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا القَضَاءُ إِجْمَاعًا إِلاَّ مِنْ سلار مِنْ عُلَمَائِنَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الصَّدَقَةُ عَنْ كُلِّ يَومٍ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ، ذَهَبَ إِلَيْهِ عُلَمَاؤنَا...)) 12

وَفِي الرَّوْضَةِ البَهِيّة فِي شَرْحِ اللُّمْعَة الدّمشْقِيّة:

(( إِذَا خَافَتَا عَلَى الوَلَدِ ( تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ ) بِمَا تَقَدَّمَ، وَتَقْضِيَانِ مَع زَوَالِ العُذْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ القَضَاءَ مَع القَطْعِ بِوُجُوبِهِ؛ لِظُهُورِهِ حَيْثُ إِنَّ عُذْرَهُمَا آيلٌ إِلَى الزَّوَالِ فَلا تَزِيْدَانِ عَنِ المَرِيْضِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتُعِيْدَانِ بَدَل وَتَفْدِيَانِ، وَفِيْهِ تَصْرِيْحٌ بِالقَضَاءِ، وَإِخْلالٌ بِالفِدْيَةِ، وَعَكْسُهُ أَوْضَحُ...)) 13

وَالفِدْيَةُ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ عَلَى المُتَعَارَفِ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَطْعَمَ أَكْثَرَ، فَلَهُ الثَّوَابُ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ.


وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ. 

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
28\6\2015

 

  • 1تفسير ابن كثير مج1. بتصرف.
  • 2الميزان في تفسير القرآن، للسيد محمد حسين الطباطبائي ج2. بتصرف.
  • 3التفسير الكاشف، للشيخ محمد جواد مغنية مج1. بتصرف.
  • 4التبيان في تفسير القرآن ج2. مجمع البيان. بتصرف.
  • 5تاج العروس من جواهر القاموس 13\311. الكشاف. مجمع البيان. التبيان.
  • 6فروع الكافي 2\118. (81) باب الحَامِل وَالمُرْضِع يَضْعُفَانِ عَنِ الصَّوم. حديث(1). تهذيب الأحكام 4\208. (58) باب العاجز عن الصيام. حديث 701\8. من لا يحضره الفقيه 2\86. (41 ) باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع. حديث 379\4. تفصيل وسائل الشيعة 10\215. (17) باب جواز إفطار الحامل المقرب والمرضع. حديث 13254\1.
  • 7تفصيل وسائل الشيعة 10\212. (15) باب سقوط الصوم الواجب عن الشيخ والعجوز... حديث 13247\8.
  • 8تفصيل وسائل الشيعة 10\216. (17) باب جواز إفطار الحامل المقرب والمرضع. حديث 13256\3.
  • 9من لا يحضره الفقيه 2\85 . (40) باب حد المرض الذي يفطر صاحبه. تفصيل وسائل الشيعة 10\219. (20) باب أَن حد المرض الموجب للإفطار ما يخاف به الإضرار. حديث 13262\2. عَلَى أَنَّ ( كُلَّ مَا ) مَفْصُولَتَان بِمَعْنَى ( كُلِّ إِنْسَانٍ ) وَلَيْسَتْ ظَرْف زَمَانٍ فِي وَصْفِ المَرِيْضِ وَإِنْ أُدْخِلَتْ فِي بَابِ المَرَضِ الذّي يُفْطِرُ صَاحِبَهُ.
  • 10الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، الشيخ يوسف البحراني، دار الأضواء\ط4\2009م. 13\395.
  • 11جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، الشيخ محمد حسين النجفي، دار إِحياء التراث العربي\بيروت\ط7\1981. 17\152.
  • 12الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 13\393.
  • 13الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، للشهيد الثاني، دار العالم الإسلامي 2\129.