عن الإفراط في مشاهدة التلفاز ؟

أُضيف بتاريخ الأثنين, 29/06/2015 - 13:40

 

السُّؤَالُ: عَنِ الإِفْرَاطِ فِي مُشَاهَدَةِ التّلفَاز ؟

بَيَانُ الإِجَابَةِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

الإِفْرَاطُ فِي اللُّغَةِ: مُجَاوَزَةُ الحَدِّ فِي قَولٍ أَوْ فِعْلٍ. وَهُوَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ فِي كُلِّ شَيءٍ لِمَا فِيْهِ مِنَ الأَذَى.

قَالَ تَعَالَى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا [ سورة الإسراء 29 ]

وَالقَصْدُ عَلَى المَشْهُورِ بَيْنَ التَّقْصِيْرِ وَالإِفْرَاطِ، فَلِكُلِّ قَصْدِ أَمْرٍ طَرَفَانِ:

  1. أَحَدُهُمَا: القَصْرُ وَالتَّقْصِيْرُ بِمَعْنَى التَّوَانِي،
     
  2. وَالآخَرُ: الإِفْرَاطُ بِمَعْنَى الإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الحَدِّ فِي الطَّلَبِ. 1

وَفِيْهِ البَيْتَانِ المَشْهُورَانِ:

تَسَامَحْ وَلا تَسْتَوفِ حَقَّكَ كُلَّـهُ     وَأَبْـقِ فَلَـمْ يَسْتَقْـصِ قَطُّ كَرِيْـمُ

وَلاتَغْلُ فِي شَيءٍ مِنَ الأَمْرِ وَاقْتَصِدْ     كِلا طَرَفَـيْ قَصْـدِ الأُمُـورِ ذَمِيْـمُ 2


وَالسَّلامَةُ فِي التَّوَسُّطِ بَيْنَ التَّقْصِيْرِ وَالإِسْرَافِ، فِي كُلِّ شَيءٍ، وَذَلِكَ لأَنَّ فِي التَّقْصِيْرِ ضَرَرًا، وَفِي الإِفْرَاطِ إِفْسَادًا، عَلَى مَا جَاءَ مِنْ كَلامِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ :

(( أَعْجَبُ مَا فِي الإِنْسَانِ قَلْبُهُ، وَلَهُ مَوَادّ مِنَ الحِكْمَةِ وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلافِهَا، فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ؛ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ؛ أَهْلَكَهُ الحِرْصُ...... وَإِنْ أَجْهَدَهُ الجَزَعُ؛ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وَإِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ؛ كَظَّتْهُ البِطْنَةُ، فَكُلُّ تَقْصِيْرٍ بِهِ مُضِرٌّ، وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ...)) 3

وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الإِفْرَاطَ فِي كُلِّ شَيءٍ مُفْسِدٌ للقَلْبِ، غَيْرَ أَنَّ المِقْيَاسَ فِي مِثْلِ هَذَا مِمَّا لا نَصَّ فِيْهِ، وَإِنَّمَا بِحَسَبِ مَا يُقَدِّرُهُ المَرْءُ فِي كُلِّ حَالٍ، وَفِي مِثْلِ هَذَا يُحَالُ الأَمْرُ عَلَى طَبِيْبٍ لِتُعْرَفَ المُدَّةُ التّي قَدْ تُضِرُّ بِصِحَّةِ الإِنْسَانِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ اشْتِغَالُهُ بِالتّلفَازِ مِمَّا لا يُدْخِلُهُ فِي لَهْوٍ، أَي لَيْس فِيْهِ تَضْيِيْعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ جَوَابٍ أَرْسَلْتُهُ إِلَى المَكْتَبَةِ .


وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ.

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
22\6\2015

 

 

  • 1خزانة الأدب 1\281. دار صادر\ط1. بتصرف.
  • 2نسبهما الثعالبي في يتيمة الدهر إلى أبي سليمان الخطابي. 4\385. يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، تح د مفيد قميحة، دار الكتب العلمية\بيروت\ط1\2000م.
  • 3تحف العقول. وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام).