أَيهما أصح، أن يُقال في شهر الصوم: رمضان، أم: شهر رمضان؟

أُضيف بتاريخ الأحد, 12/07/2015 - 14:00

 

السُّؤَالُ: أَيُّهُمَا أَصَحُّ، أَنْ يُقَالَ فِي شَهْرِ الصَّوم: رَمَضَان، أَم: شَهْرُ رَمَضَانَ ؟

بَيَانُ الإِجَابَةِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

فِي الإِجَابَةِ قَوْلانِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ قُوَّةِ الحَدِيْثِ وَضَعْفِهِ.

أَحَدُهُمَا:

النَّهْيُ عَنْ حَذْفِ كَلِمَةِ ( شَهْر )، فِيْمَا نُسِبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ  وَفِيْمَا نُسِبَ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ  فِي الكَافِي وَفِيْمَنْ لا يَحْضُرُهُ الفَقِيْهُ وَفِي الوَسَائِل وَفِي مَعَانِي الأَخْبَار وَفِي بِحَارِ الأَنْوَار:

(( لا تَقُولُوا رَمَضَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ، فَإِنَّكُم لا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ )) 1  

وَفِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ أُخَرُ، مِنْهَا أَنَّ رَمَضَان اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ، فَلا يُقَالُ ذَهَبَ وَلا جَاءَ.
وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ الإِمَامِ البَاقِرِ :

(( لا تَقُولُوا: هَذَا رَمَضَانُ، وَلا ذَهَبَ رَمَضَانُ، وَلا جَاءَ رَمَضَانُ، فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ  لا يَجِيءُ وَلا يَذْهَبُ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ وَيَذْهَبُ الزَّائِلُ، وَلَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضَانَ، فَإِنَّ الشَّهْرَ مُضَافٌ إِلَى الاسْمِ، وَالاسْمُ اسْمُ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ، وَهُوَ الشَّهْرُ الذّي أُنْزِلَ فِيْهِ القُرْآنُ، جَعَلَهُ اللهُ مَثَلاً وَعِيْدًا )) 2  

وَهُوَ فِيْمَا أَعْلَمُ مِنْ بَابِ تَعْظِيْمِ الشَّهْرِ بِمُرَاعَاةِ النُّطْقِ عَلَى مَا جَاءَ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ، بِدَلالَةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ :

(( لا تَقُولُوا: رَمَضَانُ، فَإِنَّكُم لا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ، فَمَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ وَلْيَصُمْ كَفَّارَةً لِقَولِهِ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضَانَ )) 3  

وَكَذَلِكَ التَّصَدُّقُ وَالكَفَّارَةُ.

وَمِنَ الفُقَهَاءِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ المُسْتَحَبِّ، بِسَبَبِ وُرُودِ أَحَادِيْث لَمْ يَرِدْ فِيْهَا لَفْظَ ( شَهْر) وَمِنْهُ تَعْقِيْبُ الحُرِّ العَامِلِيّ فِي تَفْصِيْلِ الوَسَائِل:

(( يَدُلُّ  عَلَى نَفْيِ التّحْرِيْمِ مَع عَدَمِ التّصْرِيْحِ بِهِ، وَعَدَمِ التّشْدِيْدِ فِي النَّهْيِ، وُجُودُ لَفْظ ( رَمَضَان ) مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَى الشَّهْرِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيْثَ كَمَا مَضَى، وَيَأْتِي، وَالكَفَّارَةٌ مَحْمُولَةٌ عَلَى الاسْتِحْبَابِ لِمَا ذَكَرْنَا...)) 4  

وَالآخَرُ:

تَسَاوِي الأَمْرَيْنِ؛ لِضَعْفِ مَا رُوِيَ فِيْهِ عِنْدَ بَعْضِ المُؤَلِّفِيْنَ، وَمِنْهُ فِي كِتَابِ الموضوعات لأَبِي الفَرج بن الجوزي: (( هَذَا حَدِيْثٌ مَوْضُوعٌ لا أَصْلَ لَهُ..... وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ فِي أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، رَمَضَان، وَلا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ إِجْمَاعًا...)) 5   

وَفِي المِصْبَاحِ المُنِيْرِ:

(( رَمَضَانُ: اسْمٌ للشَّهْرِ، قِيْلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأَنَّ وَضْعَهُ وَافَقَ ( الرَّمَضَ ) وَهُوَ شِدَّةُ الحَرِّ....
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ جَاءَ ( رَمَضَان ) وَشِبْهُهُ، إِذَا أُرِيْدَ بِهِ الشَّهْرُ، وَلَيْسَ مَعَهُ قَرِيْنَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: جَاءَ ( شَهْرُ رَمَضَان ) وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ (( لا تَقُولُوا رَمَضَانَ، فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضَانَ )). 

وَهَذَا الحَدِيْثُ ضَعَّفَهُ البَيْهَقِيُّ، وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ أَنَّ ( رَمَضَانَ ) مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، فَلا يُعْمَلُ بِهِ.

وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ البُخَارِيّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ المُحَقِّقِيْنَ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الكَرَاهَةِ شَيءٌ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الجَوَازِ مُطْلَقًا، كَقَولِهِ: (( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِيْنُ )). 

وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: (( وَفِي قَولِهِ ( إِذَا جَاءَ رَمَضَان ) دَلِيْلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ شَهْرٍ خِلافًا لِمَنْ كَرِهَهُ مِنَ العُلَمَاءِ )). 6  

وَمُلَخَّصُ الكَلامِ: كِلاهُمَا صَحِيْحٌ، إِلاَّ أَنَّ اسْتِعْمَالَ لَفْظِ ( شَهْر ) أَصَحُّ وَأَوْفَقُ للقُرْآنِ الكَرِيْمِ.


وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ. 

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
3\7\2015

 

  • 1فروع الكافي 2\70. (47) باب في النهي عن قول رمضان بلا شهر. حديث (1). من لا يحضره الفقيه 2\113. (58) باب النوادر. حديث 480\12. معاني الأخبار. باب معنى رمضان حديث (2) ص 315. تفصيل وسائل الشيعة 10\319. (19) باب كراهة قول رمضان من غير إضافة إلى الشهر. حديث 13504\1. بحار الأنوار مج39\229. كتاب الصوم. (48) باب أنه لم سمي هذا الشهر برمضان. حديث (2).
  • 2فروع الكافي 2\70. (47) باب في النهي عن قول رمضان بلا شهر. حديث (2). من لا يحضره الفقيه 2\112. (58) باب النوادر. حديث 479\11. معاني الأخبار. باب معنى رمضان حديث (1) ص 315. بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد ، للصفار، 2\95. حديث 1114\12.ط1\2007م. دار جواد الأئمة. تفصيل وسائل الشيعة 10\319. (19) باب كراهة قول رمضان من غير إضافة إلى الشهر. حديث 13505\2. بحار الأنوار مج39\228. كتاب الصوم. (48) باب أنه لم سمي هذا الشهر برمضان. حديث (1).
  • 3بحار الأنوار مج39\229. كتاب الصوم. (48) باب أنه لم سمي هذا الشهر برمضان. حديث (3).
  • 4تفصيل وسائل الشيعة 10\321.
  • 5الموضوعات لابن الجوزي، 2\187. باب النهي أن يقال رمضان. دار الفكر، تح عبد الرحمن محمد عثمان، ط2\1983.
  • 6المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للفيومي 238 ـ 239. دار الكتب العلمية\بيروت\ط1\1994م.