ج21 : لا يزال الدعاء محجوبا حتى يُصَلَّى على محمد وآل محمد...

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 27/01/2016 - 13:29
السائل Robin في 21\04\2015م
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين و آله الطاهرين الميامين و من والاهم و تبعهم بإحسان من المؤمنين و المؤمنات إلى يوم الدين
السلام عليكم و رحمة الله
فإني قد قرأت حديثاً معناه أن الدعاء لا يقبل أو يحجب حتى يصلي الداعي على سيدنا محمد و على آله فهل هذا الحديث صحيح ؟ و إن كان كذلك و نسي العبد أن يصلي على رسول الله و على آله فهل يجوز الصلاة بعد الدعاء ؟

بَيَانُ الإِجَابَةِ عَنِ السُّؤَالِ

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

الحَدِيْثُ فِيْمَا أَرَى صَحِيْحٌ، وَالمُرَادُ بِهِ تَعْظِيْمُ مَقَامِ النُّبُوَّةِ؛ لأَنَّ تَعْظِيْمَ النَّبِيِّ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الطَّاعَةِ؛ لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنَ الدَّلالَةِ عَلَى التَّصْدِيْقِ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ.

وَمِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا 80  [ سورة النساء] 

فَتَعْظِيْمُ النَّبِيِّ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ، دَالٌّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَطَاعَتُهُ مُتَّصِلَةٌ بِطَاعَةِ اللهِ .

وَمِنْ هَذَا قَولُ الإِمَامِ الصَّادِقِ :

(( لا يَزَالُ الدُّعَاءُ مَحْجُوبًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ )) 1

وَمَنْ نَسِيَ الصَّلاةَ عَلَى النَّبِيِّ فَلَهُ أَنْ يَقُولَهَا مَتَى ذَكَرَهَا، وَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، بِدَلالَةِ قَولِ رَسُولِ اللهِ :

(( رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعُ خِصَالٍ: أَخَطَاؤهَا، وَنِسْيَانُهَا، وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ، وَمَا لَمْ يُطِيْقُوا..)) 2

إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ لا يَنْفِي قَبُولَ الدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا المُرَادُ أَنَّ الدُّعَاءَ الذّي يُذْكَرُ فِيْهِ النَّبِيُّ أَفْضَلُ مِنَ الدُّعَاءِ الذّي لا يُذْكَرُ فِيْهِ.

وَعَلَى هَذَا خُرِّجَتْ أَحَادِيْثُ، مِنْهَا قَولُهُ :

(( لا صَلاةَ لِجَارِ المَسْجِدِ إِلاَّ فِي المَسْجِدِ ))

وَمِنْهُ فِي كِتَابِ المَجَازَاتِ النَّبَوِيَّةِ:

(( إِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ الفَضْلِ، لا نَفْيَ الأَصْلِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لا صَلاةَ كَامِلَةً أَو فَاضِلَةً إِلاَّ فِي المَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَةً فِي غَيْرِ المَسْجِدِ، فَنَفَى ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ كَمَالَهَا، وَلَمْ يَنْفِ أَصْلَهَا..)) 3

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ مِنَ الأَقْوَالِ، وَمِنْهَا: لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ .

وَذَلِكَ بِدَلالَةِ آيَاتٍ كَثِيْرَةٍ حُكِيَ فِيْهَا الدُّعَاءُ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيْهَا شَيءٌ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ، وَمِنْهَا قَولُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ 10 [سورة الحشر]

وَالصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، وَذَلِكَ أَنَّ الأَمْرَ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِي قَولِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا 56  [ سورة الأحزاب] لَمْ يُحَدِّدْ وَقْتًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ زَمَنًا.

وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ. 

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
26\1\2016

 

  • 1أصول الكافي ج2\460 ، محمد بن يعقوب الكليني، ضبطه: محمد جعفر شمس الدين، دار التعارف\بيروت\ط1993م، كتاب الدّعاء (229) باب الصّلاة على النبي...
  • 2أصول الكافي ج2\434 ، كتاب الإيمان والكفر (208) باب ما رفع عن الأمة.
  • 3المجازات النبوية ص 103، الشريف الرضي، تح: مروان العطيه، د. محمد رضوان الداية، منشورات المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق، ط1987م.