طبقات الاجتهاد والتقليد

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 14:58

طَبَقَاتُ الاِجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيْدِ


لَقَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الطَّبَقَاتِ ، الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ الشَّيْخُ يُونس حَمْدَان ، بِقَوْلَهِ :

" إِنَّمَا لَمَّا كَانَ للفُقَهَاءِ وَالعُلَمَاءِ ، عِنْدَ العَلَوِيِّيْنَ ، فِي الصَّدْرِ الأَوَّلِ ، فِي الاِجْتِهَادِ : دَرَجَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ ، وَمَرَاتِبُ مُخْتَلِفَةٌ ، كَانَ لَهُمْ سَبْعُ طَبَقَاتٍ مُطَّرِدَةٍ وَهِيَ :

  1. طَبَقَةُ المُجْتَهِدِيْنَ فِي الشَّرْعِ فِي تَأْسِيْسِ قَوَاعِدِ الأُصُوْلِ ، مِمَّا أَخَذُوْهُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ الحِكْمَةِ ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ .
     
  2. طَبَقَةُ المُجْتَهِدِيْنَ فِي المَذْهَبِ القَادِرِيْنَ عَلَى اِسْتِخْرَاجِ الأَحْكَامِ ، مِنَ الأَدِلَّةِ ، عَلَى مُقْتَضَى القَوَاعِدِ المُقَرَّرَةِ ، فِي الأَحْكَامِ .
     
  3. طَبَقَةُ المُجْتَهِدِيْنَ فِي المَسَائِلِ ، الَّتِي لا نَصَّ فِيْهَا ، عَنْ صَاحِبِ المَذْهَبِ ، وَهَؤلاءِ المُجْتَهِدُوْنَ يَسْتَنْبِطُوْنَ الأَحْكَامَ فِي المَسَائِلِ ، الَّتِي لا نَصَّ فِيْهَا ، عَلَى حَسَبِ الأُصُوْلِ وَالقَوَاعِدِ .
     
  4. طَبَقَةُ أَصْحَابِ التَّخْرِيْجِ مِنَ المُقَلِّدِيْنَ ، فَإِنَّهُمْ لإِحَاطَتِهِمْ بِالأُصُوْلِ وَضَبْطِهِمْ للمَأْخَذِ ، فَهُمْ يَقْدِرُوْنَ عَلَى تَفْصِيْلِ قَوْلٍ مُجْمَلٍ ذِي وَجْهَيْنِ، وَحُكْمٍ مُبْهَمٍ مُحْتَمِلٍ لأَمْرَيْنِ ، مَنْقُوْلٍ مِنَ الأَئِمَّةِ المَعْصُوْمِيْنَ .
     
  5. طَبَقَةُ أَصْحَابِ التَّرْجِيْحِ مِنَ المُقَلِّدِيْنَ : فَهَؤلاءِ شَأْنُهُمْ تَفْضِيْلُ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَلَى بَعْضٍ ، كَقَوْلِهِمْ : هَذَا أَوْلَى ، وَهَذَا أَصَحُّ رِوَايَةً ، وَهَذَا أَوْفَقُ للنَّاسِ .
     
  6. طَبَقَةُ المُقَلِّدِيْنَ القَادِرِيْنَ عَلَى التَّمْيِيْزِ ، بَيْنَ القَوِيِّ وَالضَّعِيْفِ ، وَشَأْنُهُمْ أَنْ لا يَنْقُلُوا الأَقْوَالَ المَرْدُوْدَةَ ، وَالرِّوَايَاتِ الضَّعِيْفَةَ .
     
  7. طَبَقَةُ المُقَلِّدِيْنَ الَّذِيْنَ لا يَقْدِرُوْنَ عَلَى مَا ذُكِرَ ، وَلا يفَرِّقُوْنَ بَيْنَ الغَثِّ وَالثَّمِيْنِ .
     

فَهَذِهِ الطَّبَقَاتُ السَّبْعُ ، تَتَوَزَّعُ مَا بَيْنَ مُجْتَهِدٍ ، وَمُقَلِّدٍ ، وَلِكُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ المَرْتَبَتَيْنِ دَرَجَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ .

فَمَنْ عَرَفَ حَدَّهُ ، وَوَقَفَ عِنْدَهُ ، وَلَمْ يَتَعَدَّ طَوْرَهُ ، وَاِلْتَزَمَ بِالنَّصِّ ، وَقَلَّدَ الأَعْلَمَ حَفِظَ نَفْسَهُ ، مِنَ الوُقُوْعِ فِي الشُّبُهَاتِ ، وَالتَّقَحُّمِ فِي المُهْلِكَاتِ .

وَمَنْ جَهِلَ حَدَّهُ ، وَتَعَدَّاهُ ، أَوْ تَجَاهَلَهُ لِعَمَاهُ ، وَعَمِلَ بِرَأْيِهِ   وَهَوَاهُ : هَلَكَ وَأَهْلَكَ المُتَعَلِّقِيْنَ بِأَذْيَالِهِ ، وَمُقَلِّدِيْهِ عَلَى ضَلالِهِ " .

وَعَلَيْهِ ، أَقُوْلُ :

إِنَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ ، عُلَمَاءُ المَذْهَبِ ، وَمَا قَرَّرُوْهُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ نَقْلاً مُمَحَّصاً ، عَنِ الأَئِمَّةِ المَعْصُوْمِيْنَ ، وَتَقْلِيْداً لَهُمْ ، وَتَخْرِيْجاً مِنْ قَوَاعِدِهِمُ الَّتِي أَسَّسُوْهَا ، مِنْ وَحْيِ كِتَابِ اللهِ ، لا يَحِقُّ لأَحَدٍ ـ كَائِنَاً مَنْ كَانَ ـ مُخَالَفَتُهُ بِاِجْتِهَادَاتٍ قِيَاسِيَّةٍ ، وَتَأْوِيْلاتٍ جَانِبِيَّةٍ ، لِجِهَةِ إِطْلاقِ المُقَيَّدِ ، أَوْ تَقْيِيْدِ المُطْلَقِ ، وَهُرُوْباً مِنَ الاِلْتِزَامِ بِالنُّصُوْصِ الوَاضِحَةِ وَالصَّرِيْحَةِ ، إِلَى العَمَلِ بِالظُّنُوْنِ الجَانِحَةِ القَبِيْحَةِ ، لأَنَّ هَذَا العَمَلَ : يَؤولُ إِلَى نَسْخِ الأُصُوْلِ ، وَرَدِّ المُحْكَمِ المَنْقُوْلِ .