تاريخ العلويين الإجتماعي بلسان علمائهم

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 13:44

القارئ الكريم، هذا الفصل ورد في كتاب المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام لمؤلفه فضيلة الشيخ حسين محمد المظلوم .
وتجد فِهرس الكتاب على يمينك.
(إدارة موقع المكتبة الإسلامية العلوية)


إنّ تاريخ العلويين الإجتماعي تختصره كلمة إمامهم جعفر الصادق (ع) بقوله :(المحن إلى شيعتنا أسرع إليهم من الماء في الإنحدار).

ويلخص هذا الواقع قول ثلة من العلماء العلويين الذين تحدثوا عن هذا الموضوع.

يقول المغفور له فضيلة الشيخ محمد حيدر - رحمه الله –

لم يعرف تاريخ المجتمع الإسلامي طائفة من الطوائف اكتنفها الغموض واعتراها الإبهام ولا فرقة من الفرق حامَت حولها الشكوك وساءت بها الظنون مثل الطائفة العلوية.

فرقة اتفق المُغرضون قديماً وحديثاً على اختلاف نِحَلهم وتبايُن أجناسهم وتباعُد أمصارهم على الغَضّ من كرامتها وتَسفيه آرائها وتشويه مُعتقدها وتَقبيح سيرتها ونُكران إسلامها وعروبتها ونِسبتها إلى عناصر بعيدة عنها لا تَمُتُّ إليها بسببٍ ولا توصلها بها واشجة رَحم أو حَسَب حتى أخرجوها من حضيرة الإسلام والمسلمين والعرب والعروبة بلا بُرهانٍ واضحٍ ولا حجةٍ قاطعةٍ إلا بما يُمليه عليهم المُستعمر السفاح والشعوبي الحقود مما أدّى بها إلى انعزالها عن المجتمع العربي والإسلامي وانكماشها على نفسها وهربها بدينها وولائها لآل البيت الطاهرين محتفظة بهما وبتراثها العربي الأصيل من رعي الذمام وحفظ الجار وكرم الطباع وإباء النفس فاقدة الإجتماع وما يُسديه من علم وحضارة ورُقيّ حتى أصبحت لا تعي ولا تفهم ما يُحاك حولها من شكوك وما يُشن عليها من شُبَه هي منها أبرأ من ذئب يوسف.

ولو مُنيَت غيرها من الفِرَق ببعضِ ما مُنيَت به لانحَلّت وتبَدّدَت ولكنها بفضلِ تمسّكها بحقائق الدين الإسلامي الحنيف وروابط الولاية المُطهرة وتأثّرها بأمجادها وأجدادها قادة الفِكر والقلم وأربابَ السيف والهزم بقيَت صابرةً صامدةً لأنيابِ المُستعمر الغاشم ومخالب الطامع المُستبد طيلة تلك الأجيال الطويلة الكثيرة والعهود البغيضة المُتعدّدة صمود الصخرة المَلساء لضراوة الزوابع النكب والزعازع الهُوَج ، ولم تزل تتلقى الضربات المَريرة الأليمة من جور وظلم إلى استبداد وفوضى حتى بزغ فجرُ الحريّة السافر وأشرق بنوره السَنيّ الباهر فتقلّص ظلُّ المستعمر المُخيف وشبحه المُرعب بظُلمه وظُلماته وظهَر ما اكتنزَتْهُ هذه الفِئة المُضطهدة المَكبوتة المعزولة من الطاقات القوية والقُدرة الجبّارة في ميادين السيف والقلم والدين والأخلاق وحقائق ناصعة اعترف بها كل مُترائي وسَمع بما بذلته من تضحيات عظيمة وجهود شاقة جبارة في الرَكب السائر لحُريّته واستقلاله ، وما بَرَزت به من ثقافة ورُقيّ في الرَكب الحضاري السائر نحو المجد والعلاء .

تلك الحقائق التي لم يُنكرها إلا من أعماه التعَصُّب وبَلّده الحِقد فسَلبَهُ نعمة الإعتراف شأن الأعمى الذي لا يَعترف بمنفع ضياء الشمس ولا نور القمر.

* * * * *

وقال أيضاً العالم الشيخ حسين سعّود - رحمه الله -

أما الغرابة كلّ الغرابة فهي في أن يَبقى في حاضرنا العربي الذي نعيش فيه أذن عربية تصيخ إلى ما يُرَوّجه مُستعمر مُتربص أو انتهازي مُستغل أو شعوبي ناقم أو زنديق متنسك ، وأغرب من هذا وذاك أن لا تؤثر تلك النواحي التاريخية في نفوس العرب تأثيراً يُحَفزهم إلى النهوض المُسرع واللحاق الحثيث برَكب الحَضارة العالمية نهوضاً يَهيبُ بنا جميعاً إلى انتزاع حقوقنا السليبة ويؤمننا غائلة الغازين وبائقة المُغيرين .

أليس الأَوْلى بنا مَعاشر العرب عامة والمُسلمين خاصة بعد أن أخذنا عن الماضي نتائجه السلبية وعِظاته المؤلمة أن نجعل شعارَ نهضتنا وعنوان وثبتنا ( الكلاب تنبح والقافلة تسير) وأن يكون تفكيرنا في الماضي لمجرد أن نستمد منه مادة بنائنا الحاضر لا أن نفنى فيه فناءً صوفياً لا تكون حصيلته سوى الخمول فالإنحلال فالتلاشي .

لقد أُحْرِجَ العلويُّ المسكينُ في ماضيه فأُحْوِجَ إلى عُزلته وإخفاء حقيقته واستعمال تقيّته وأُفسح لدُعاة التَفرقة وعُملاء السوء مجال الدّس والوَقيعة وكانت مُقتريات المجالس ومُفتريات الأقلام .
وأين هو ذلك العلوي المُتواري عن الأنظار المُغيّب في ظلمات الأقدار فيدرأ عن نفسه وعِرضه من هذه المُفتريات وهل لِمَنْ حَرَمَه الجبروت العُثماني من أبسط حقوق الإنسان إلا أن يَصُمّ أذنيه ويُغمِضَ عينيه مُستجيراً برحمة الله ومُتوسلاً إليه بدقات قلبه مُترقباً سطوع شمس الحُريّة ليفتح عينيه للنور ويتنسّم عبير العدالة فيُدلي بدَلوه بين الدِّلاء ويكون في مجتمعه العربي لبنة في بناء .

حاشى الله أن يكون ذلك العلوي - كما يعلمه الله وكما يعلمه أحفاده من طريق مخلّفاته الفقهية وتقاليده الموروثة - مِمَّنْ يَدين بغير توحيد الله أو يأخذ أحكامه وفرائضه حلاله وحرامه من غير القرآن كتاب الله ، ولما أنّ الشيء بالشيء يُذكر أودّ أن أورد قصة مثّل دورها في عهد الإنتداب الغاشم إذ حضر أحَدُ الحُكّام الفرنسيين البارزين عند شيخ من شيوخنا ولغرض في نفسه وجّه إليه السؤال التالي :ما هي حقيقة أنسابكم ومعتقداتكم وأعيادكم وعاداتكم ؟
فنهض الشيخ دون أن يُجيبه وتناول القرآن الكريم من مكتبته المتواضعة وقال :
(هذا هو القرآن الكريم كتاب الله يُجيبك عن جميع ما سألتني عنه ففيه أنسابنا ومعتقداتنا وأعيادنا وعاداتنا).
فسكت ذلك المستعمر وكأنما ألقمه الشيخ حجراً .

والآن قد أمحى ظلام الأمس وانبلجَ فجرُ اليوم واتّضح لكُلّ ذي لُبٍّ أنّ ما كُتِب وما أشيع بالأمس في تجريحِ عقيدة العلوي أو تسفيهها لم يكن إلا لغاياتٍ مُلوثة تعافها طهارة الإسلام دين الأخوة والمواساة ولم يبق بين ظهراني الأمة الواحدة ممن أرجفوا بأباطيلهم وتهربوا من مواجهة الحقيقة زمناً طويلاً من يحاول التدخل في خصوصيات المذاهب الأخرى إذ لكل منها فروع واجتهادات يجب احترامها .

وهل من غضاضة عن العلوي المسلم إذ قال في آذانه " حي على خير العمل "
أو أسْبَل كفيه عند وقوفه لصلاته .
أو اشترط العدالة في الإمام المنصوب للصلاة .
أو رأى مذهب إمامه جعفر أصفى المذاهب مع احترامه للمذاهب الأخرى .
أو بأنّ الإمامة شرط بعد النبوة .
أو طبّق على نفسه بعضاً من أحكام الزوجية والمواريث حال عدم تطبيقها على غيره ...
كلا وألف كلا إلا إذا كان هناك إكراه في الدين كالذي كان ويأبى الله والإسلام و المصلحون المتحررون أن يكون .

* * * * *

وقال العلامة المغفور له الشيخ عبد الهادي حيدر - رحمه الله -

ما كان الله ليُطْمِسَ على معالم قومٍ أسّسوا بُنيانهم على تقوى من الله ورفعوا قواعدهم على التمسك بثقلي رسول الله ، والإعتصام بولاية خير الأوصياء وسيد الشهداء أمير المؤمنين وإمام الدنيا والدين مهما تعاقبت عليهم أدوار الظلم والإضطهاد وعصفت بهم أعاصير الطغيان والإستبداد فهم وإنْ نأت بهم الدار وشَط بهم المزار وذاقوا من أصناف العذاب ومرارة الإغتراب وما تنوء بحمله غلب الرجال وشم الجبال لم يزدادوا بدينهم إلا تمسكاً وبكريم أخلاقهم وأصيل عروبتهم إلا تثبتاً.

ولطالما حاول الجبابرة السفّاحون والغُزاة المُجتاحون من الحُكام الشعوبيين واستئصال شأفتهم واجتثاث أصولهم وإخفاء أصواتهم ﴿ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ .
فرّ القوم بولاهم من شاهق إلى شاهق ولاقوا في سبيله الألاقي ودهتهم بسببه الدواهي فهم لا يأبَهُون لنعيمِ الدنيا وزُخرفها إذا سَلَّمَ لهم دينهم وخلُصَت لهم ولايتهم وسَواءً عليهم بعد ذلك رضيَ عليهم وُلاة السُوء أم سَخطوا عَدَلوا بهم أم جاروا فهُم بما هم فيه فرحون وبنعمة الله وعفوه مُستبشرون حَفظوا عليهم سجاياهم العربية وشدّوا أيديهم على خلائفهم اليَعرُبيّة من حفظ الزمار وحَق الجِوار وقُرى الأضياف وعُلوّ الهِمَّة وكَرَمْ النَجدة إلى ما هنالك من كرائمِ أخلاقٍ يتوارثونها كابرٍ عن كابر .

* * * * *

وقال العلامة المغفور له فضيلة الشيخ محمود سليمان الخطيب – رحمه الله – موضحاً غايات المستشرقين ووسائلهم:

ومن المُستشرقين الذين عَرَفوا بعد دراسةٍ طويلةٍ تُشدّد العربي المُسلم وحَمَاسه لدينه ومَبادئه وأيقنوا أنّ أفْتَك سِلاحٍ تُخرجه معامِلهُم لتدميرِ العرب والمسلمين هو الإيقاع بينهم عن طريق الدين فاعتمدوا الحصول على كُتب خلافات المذاهب الفلسفية في العصر العباسي على ما في تلك الكُتب من نحل وما في تلك النحل من غضاضة على ذويها ينشرون لكل فرقة من المسلمين من تلك الكتب والنحل ما انطوى إثارة لما فيها من خلاف وتفريقاً بين المؤمنين وهم على مثل اليقين إنّ تلك النحل بادت بذويها ومنتحليها .

وأنكى من ذلك إنّهم يَعزون ما يَعرضونه من تلك النحل والآراء معمولاً به أو مهملاً منذ قرن إلى فرقةٍ حاضرةٍ تعيشُ مع أختها في كَنَفِ واحد ليجعلوا من مواضيع الخلافات المذهبية في المسلمين مسارحَ للمُبشرين و المُستعمرين.

* * * * *

وقال صاحب الفضيلة المغفور له الشيخ داوود الخطيب رداً وتعقيباً على المؤرخين

إنّ المؤرخين على اختلاف نزعاتهم وتباين مذاهبهم طمّسوا الكثير من محاسن سلف العلويين وشوّهوا وجه التاريخ بتقبيحِ ما نسبوه إليهم وما وَصَمُوهم به من التُهم والإفتراء عليهم ولم يُنصفهم التاريخ بشيء من ميزاتهم التي كانوا يمتازون بها ويفخرون.

ها هي الدولة الحمدانية التي طار ذكرها وضاع نشرها وطبق الخافقين مَجدها وسُؤدُدَها وما أبلاه رجالها من الجهاد دفعاً للروم عن بلادهم ودفاعاً عن كيان عروبتهم ودينهم .

وها هم الأمراء التنوخيون والغسانيون وغيرهم من الأُسَر العربية التي ارتفع مَجدها في سورية وجزيرة العرب والمغرب ومِصر وخلافها وبالرغم من الظروف القاسية التي مُنوا بها من هَضم حقوقهم وتشتيتِ شملهم وتفكيكِ عُرى رابطتهم ناهيك ما جرى عليهم أيّام حُكم الرّجل الأثيم السلطان سليم التركي من السَلب والنَهب والقتل قَصْدَ استئصالهم وقطع دابرهم ليَقضي على سيادتهم العربية وعُرُوبتهم الأبيّة حتى قضى على الكثير من مؤلفاتهم في فنون العلم والآداب والفلسفة، ورُغماً عن كل ما جرى عليهم من الجرائم والفضائح بقي هذا التراث القديم – أعني تراث النَسَب والأُسَر الكريمة – محفوظاً لديهم ومَرموقاً بأنظارهم ومَردوداً بأفكارهم نقلاً وإسناداً وحِفظاً واجتهاداً كابر عن كابر وحاضر عن غابر.
وقد تعرّض غيرُ واحدٍ ليكتب عن ماضي سلف العلويين ويستقصوا تاريخ آثارهم وسيرتهم فلم يُفلحوا فيما وصفوه ولم يُوَفّقوا فيما ألّفوه فتخبّطوا خَبْطَ عشواء كل منهم أحسن وأساء ورموهم بالزندقة والرفض والإفراط بالحب والبغض. وظني بل يقيني أنّ التُهم التي وُصمَ بها العلويون والأراجيف التي ألحقها بهم الأغيار من المُستشرقين والمُغرضين لم تكن إلا من طريق بُغض الغُلاة من الفِرق البائدة المنسوبة ظلماً للشيعة ( كالإسحاقية والسبائية والذهيبية ) وغيرهم والعلويين منهم بُراء براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب.

* * * * *

نعم قارئي الكريم لقد مَرّت هذه الطائفة الإسلامية العلوية بظروف تاريخية عصيبة كادت لولا إيمانها بالله ورسوله واليوم الآخر ، وتمسكها بولائها الثابت لأهل البيت ، المنبعث من جوهر إيمانها الصادق ، أن تذوب كغيرها وتتلاشى كبعضِ الفئات التي لا وجود لها إلا في كتب التاريخ ، ولكنها مع ما جرى بها من المِحَن المُتتالية ، ومع كل ما عَصَفَ بها من الزَعَازع القاسية لم تزداد إلا ثباتاً على دينها وإلا قوة في يقينها .

ولا يخفى على أحدٍ كم لاقى العلويون من التعذيب و التنكيل والتشريد والتقتيل في العصر الأموي ابتداءً من تولّي معاوية المُلك بعد نقض عهد الإمام الحسن ودَسّ السُّم له بواسطة زوجته جعدة وانتهاءً بعهد مروان الحِمَارآخر ملوك الأمويين الذي قتل في سنة (132 هـ ) على يد العباسيين في قرية بوصير من أعمال مِصر ، وكذلك في العهد العباسي الذي استهلّه السَّفاح بسفك الدماء وانتهى في أيام المستعصم سنة ( 656 هـ ) وفي عصر الدويلات الصغيرة التي قامت على أنقاض العباسيين وكذلك في العهد العثماني البغيض الذي امتد حكمهم أربعة قرون وسنتان.
في كل هذه العصور لاقى العلويون أشد أنواع الظلم والإضطهاد لا لشيء إلا لتمسكهم بولائهم الصادق لأهل البيت (ع) ورفضهم الولاء لأئمة الجور والضلال والفساد والإنحلال لأن جميع فرق الشيعة يَرَوْنَ الخروج على الحاكم الجائر من صَميم الدين والإسلام لأنّ هذا الحاكم خارج على الإسلام وشريعته السَمحاء ولا يَجوز شرعاً وعقلاً وفِرعاً طاعةُ مَنْ يَعصي الله لأنّ في ذلك مُخالفة لله لقبول المعصية من عدو الله . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ من اليقين أن لا ترضي أحداً بسخط الله).

ومن هنا انهالت عليهم التُهَم الباطلة والإفتراءات الكاذبة من قِبل الكتّاب المأجورين والفُقهاء المُرتزقين الذين لا هَمّ لهم سوى إرضاء سُلطانهم الجائر الذي لا يُرضيه إلا تكفير أهل الولاية وقمْعُ مُعارضيه بأيّ وسيلة كانت ، هَمُّه الأكبر إخضاع البلاد والعِباد لنَزواته الشخصية ، ومَصالحه الذاتية ، مُخالف بذلك كتاب الله وسنة رسوله الكريم لتثبيت سلطانه القائم على الفساد والتجبّر على العباد والتحكم برقابهم وسَلب خيراتهم وصَرفها على أُجَرائه وجَواريه وشَهواته ، وإخضاع المسلمين وخُصوصاً الموالين لأمير المؤمنين وشيعته المُخلصين تارةً بسيف جنوده ، وطَوراً بقلم أُجَرائه وكتّابه .

فالعلويونَ لم يَسلموا من أذى الحُكَّام الظالمين والبُغاة المُرجفين ولم يتنفسوا الصُعَداء كما يُحَدّثنا التاريخ إلا في عصر الدولة الحمدانية المعروفة بإنسانية وأخلاقية أمرائها ، وسيرتهم العطرة، وعدم تعصّبهم، وقد اشتُهر رجالها بالعدالة المُتناهية، وعُرفوا بجهادِهم المُتواصل، والدّفاع المُستميت عن ثغور المسلمين، وكذلك اشتُهروا بالتديّن الصحيح والإيمان الصادق .

وجاء في كتاب العرب والإسلام :

ولقد وقف سيف الدولة نفسه وجهوده لصد الغارات البيزنطية بل توغل في بلادهم وأحرز عليهم انتصارات كثيرة ورائعة فكان بذلك درع البلاد العربية ضدهم وقد اشتهرت في عهده إمارة حلب الحمدانية بالفن والأدب ونبغ فيها شعراء مشهورون كالمتنبي وأبو فراس ونبغ فيها بعض الكتاب والعلماء والفلاسفة كالفارابي ، وقد قرّبهم سيف الدولة وبسط عليهم رعايته.

ومما يدل على عدم تعصّبه لمذهبه ما جاء في كتاب تاريخ الدول العربية :

كما أن سيف الدولة بالرغم من أنه شيعي علوي لم يتعصب لمذهبه بل عامل رعيته معاملة واحدة.

فلو نظرنا إلى الجهة المُقابلة والفريق الثاني لَلاحظنا العَكس تماماً -إلا نادراً- فقد كانت تقوم حكوماتهم على أقبح أنواع الفتك والظلم وحرمان قسط كبير من الرعية من حق العيش المحترم والتنعّم بخيرات البلاد أسوة ببقية العباد . ولله در القائل :

ملكنا فكــان العفـو منا سجيّــة   فلما ملكتـــم ســال بـالدم أبطـــحُ
وحلـّلتم قتل الأســـارى وطالما   غدونا عـن الأسرى نمنّ ونصفحُ
فحسبكـم هــذا التفــاوت بيننــا   وكــل إنـــاءٍ بمــا فيـــه ينضــــحُ