مقالة (العلويون بين المسلمين والإسلام) للأستاذ أحمد سليمان ابراهيم

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 13:44

العلويون بين المسلمين والإسلام


وقال الأستاذ أحمد سليمان إبراهيم في مقال نُشر في مجلة النهضة في العدد الثامن الصادر في شهر تموز سنة 1938 تحت عنوان: (العلويون بين المسلمين والإسلام)

ما أنكد حظ هذه الطائفة العلوية، وما أقل إنصاف جيرانها لها. هذا ماقلته مراراً وسأظل أقوله كلما فكّرت في أمرها حتى يزول هذا النكد، ويذهب هذا الظلم الذي أعنيه بقلّة الإنصاف.
وقلّة الإنصاف ممن؟؟
أمن التاريخ الذي سوّد صحائفه بمذمتنا وانتقاصنا؟
أم من الدهر الذي عبث بقوانا وهدم أركان رابطتنا وسار بنا إلى حيث الإنحطاط السحيق؟
أم من هذين الغاشمين؟
أم من إخواننا في الدين الذي ناصرناه في سائر الوقائع وشتى الميادين؟

ظلم!! نعم ظلم!! ولماذا؟؟

ألأننا هدمنا أركان الكعبة، ورجمنا قبر النبي، وقتلنا وسبينا آله ونساءه وسِرنا بهنّ من الكوفة إلى الشام سوافر لواطم الوجوه؟؟ اللهم لا!..

ألأننا كفرنا بالله، وأعلنا مسبة الأئمة الأطهار من أعلى المنابر، وكذّبنا بوحي القرآن وعطّلنا شريعة المسلمين والإسلام؟؟ اللهم لا!..

ولكن لأننا قلنا ولا نزال نقول :
إنّ علياً بن أبي طالب عليه السلام هو صاحب الحق الأول في زعامة المسلمين الدينية والزمنية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نعم لأننا نؤمن بأنّ علياً هو الأحق بالخلافة من سواه، وإنّه وصي النبي ووزيره، ولهذا فقط يقوم إخواننا في الدين الذي ناصرناه كما ناصروه وآمنا به قبل أن يؤمنوا، فيوجّهون إلينا أقصى المظالم وأفدح الإضطهادات.

مظالم!! أجل مظالم!! هي قتلٌ في النفوس وسلبٌ في الأموال وحرمان في الحقوق وتبرئة في الدين، أبَعْدَ هذه المظالم من مظالم!
اضطهدونا هم! وليت اضطهادهم وقف عند حدّه! ليته لم يُمهّد الطريق لاضطهاد سواهم! ليته لم يكن -وليصدّقوا- عاملاً لضعفهم واضطهادهم أيضاً. ليتَ العدم ضمّنا بين جناحيه، وبقيَ لهم مجدهم، فلم يروا ونرى معهم هذه الوجوه الكالحة من أبناء الأمم الفاتحين.

طعنونا في الصميم ، وقوّلونا ما لم نقل، ونَسَبوا لنا الزيغ والضلال، واتهمونا بالمروق عن الإسلام ولم يُجيزوا الرجوع ليستلزم القتل.. في حين إننا ما كنا ولن نكون بحمد الله إلا على جادّة الهدى، وما نحن من الإسلام إلا كالأصل من الفرع. وأما التوبة والرجوع فلا حاجة لهما، لأننا لم نبرح المكان الذي نزلنا، ولن نبرح، وأما القتال فمثلهم من جنى ومثلنا من عفى!..

لم ندرِ نحن العلويين، وأيمُ الحق لماذا تُبعِدوننا أيها الإخوان، ونحن الأقربون، وتُقْصُونا ونحن الأدْنَوْن!.. فيا ترى، هل الإسلام إلا شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسوله ونبيّه، والتمسّك والإعتصام بأوامره ونواهيه والقيام بما افترضه علينا من الحدود الخمس وهي الصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد؟.. أليس الإيمان بمحمد والقرآن هو عين الإسلام؟..

نحن نقول بكل صدق وإخلاص:
إنّ كل علوي يؤمن بهذا الإيمان ويقرّ به في السر والإعلان، ويتبرّأ إلى الله من كل ما يَنْعَتُهُ به أهل الزور والبهتان.

وأما القول في أنّ العلويين ينقصهم القيام بمراسيم الإسلام، فهذا نقصٌ يَشعُرُ به العلويون قبل سواهم وكم هو ألمُ مُفَكّريهم شديدٌ لهذا النقص، ولكن الشلل الإجتماعي الذي أصاب العلويين بسبب ما انتابهم في ماضيهم من ويلات ونكبات، ودبّ في قلوبهم اليأس، وجعلهم ينظرون بعَين المستحيل إلى كل مشروع مفيد. 1