الصِلات بين علماء الجبلين [جبال العلويين وجبل عامل]

أُضيف بتاريخ الأحد, 14/11/2010 - 17:00

لقد جرت مباحثات عدّة، ولقاءات كثيرة بين علماء الجبلين العلوي والعاملي وتباحثوا على مختلف الصُعُد، وفي كل المَجالات وكُنتُ قد أتيتُ في الجزء الأوّل من هذا الكتاب على بعض المقالات لكبار علماء الشيعة التي تـُثبت ذلك، ولدينا منها المزيد وأكثرها منشورة.

♦ وممـّا يزيد ذلك وضوحاً الرسالة التي أرسلها العلاّمة الحكيم فضيلة المغفور له الشيخ عبد اللطيف إبراهيم إلى العلاّمة الأغرّ فضيلة المغفور له الشيخ عبد الهادي حيدر ويقول له فيها:

في 7 1 أهديت إلى فضيلتكم ثلاثة كُتب جديدة فريدة من نوعها "الله والعقل"، "النبوة والعقل"، "الآخرة والعقل"، من مؤلفات العلاّمة الجليل الشيخ محمد جواد مغنيـّة مستشار المحكمة الجعفرية العُليا في بيروت وهو خرّيج النجف الأشرف له المكانة المرموقة بين الفقهاء ألـّف عدّة مؤلفات قيـّمة ترون أسماءها على غلاف ما أرسلته لكم من الكتب إذا أردتم اطلبوا ما تريدونه منها وخيرُها كما رأيت "الإسلام مع الحياة" و "مع الشيعة الإمامية" وقد عرّفتـُهُ على إسمكم وإسم الأخ الشيخ يونس ياسين سلامة وذكرت له أنـّكم ستراسلونه …الخ 1

فأجابه بقوله:

وصلت هديّتكم القيـّمة وكتابكم الكريم فلست أدري بأيـّهما كنت أسرّ، أمـّا الكتب الثلاثة والحق يُقال من خير ما أنتجته القرائح في هذا العصر الحافل بغرائب العلوم الماديـّة وأعاجيب الإختراعات الذرّية التي طغت أو كادت على القِيـَم الروحيـّة والمثاليـّة الحقـّة فكانت هذه الكتب من ضروريات هذا العصر ولوازمه لما تتضمّنه من أفكار سامية ومواضع عالية من وجوب الإعتراف بواجب الوجود واليوم الموعود مؤيدّة بحجج عقلية وبراهين منطقيـّة لا تقبل جدلاً ولا ردّاً فجزى الله مؤلفها عن العلم والعلماء خيراً…الخ 2

♦ وقال في رسالةٍ أخرى يُخاطب بها العلاّمة الشيخ عبد اللطيف إبراهيم رحمه الله:

أستاذنا العلاّمة الجليل الشيخ عبد اللطيف إبراهيم المُحترم أدام الله مَجده تحيـّة طيبة وسلاماً عاطراً وشوقاً وافراً، والله سُبحانه أسأل أن تكونوا على ما أتمنـّاه لكم من صفاء ورخاء وصحة وسعادة وبعد.

نزولاً عند رغبتكم كتبنا لفضيلة العلاّمة المتبحر الشيخ محمد جواد مغنية وطلبنا إليه أن يرسل لنا من مؤلفاته كتابي "الإسلام مع الحيلة" و "مع الشيعة الإمامية" وأن لا يضنّ علينا بما تفيض به عبقريته الجبّارة من مؤلفات قيّمة في المستقبل وأشعرناه بأنـّه حصلَ لدينا من إنتاجه ما تكرّمتم بإرساله من الكتب الثلاثة، وأحطناهُ علماً بما رغبتم إلينا به من وجوب مراسلته، وثنائكم عليه بما هو أهله.

فأجاب بما يلي:

تناولت كتابكم الكريم فشكراً جزيلاً لكم ولفضيلة الأخ الشيخ عبد اللطيف وإنـّي جداً مغتبط بهذا التعاون الأخوي في سبيل الحق ونشر كلمته وهو سبحانه المسؤول أن يُكثر في هذه الأمـّة من أمثالكم وأمثاله إنـّه خير مسؤول، أمـّا ثناؤكم وثناء الأخ الفاضل عليَّ فأنتما أولى به ولست أهلاً لبعضه وإني أحمدُ الله سبحانه الذي جعلني محل ثقتكم وأبتهل إليه أن يوفـّقني لمرضاته ومرضاة الطيبين أمثالكم، وتلبيةً لطلبكم أرسلت لكم في البريد المضمون كتاب "الإسلام" وكتاب "مع الشيعة" وبعد أن انتهيت من كتاب "علي والقرآن" الذي سيصدر قريباً إن شاء الله باشرت بوضع سلسلة فقه السنـّة والشيعة على المذهب الجعفري والحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي. وربـّما أصدرته دار العلم للملايين وطبعته على حسابها لأنـّها طلبت ذلك ووعدتها به… إلى آخر كتابه..

وأنا بدوري أرفع لمقامكم الكريم جزيل شكري وخالص اعتباري وتقديري لهذا التعارف الميمون بفضيلة هذا العلاّمة الكبير والبحّاثة المتبحر ذي الأخلاق السمحة والسجايا الكريمة والعلوم الواسعة أكثر الله في هذه الأمة الإسلامية من أمثالكم وأمثاله وقد عزمت أن أكون معه على اتصال تام ومراسلات دائمة وطلب كل ما يُنتجه قلمه السيّال في شتى المواضيع لأنّ إنتاجه لا يخلو من فوائد علمية واجتماعية وأدبية لملائمته روح العصر وحرصه على جمع الكلمة وتأليف شمل الأمة وهذه هي الضالة المنشودة التي فقدتها الأمة العربية منذ بضعة قرون وها هي تتمثل في شخصية هذا الرجل العظيم. (في 28/2/1960م).

فأجابه العلاّمة الشيخ عبد اللطيف إبراهيم بهذه الرسالة نختصر منها موضع الحاجة:

أيـُّها الأخ الكريم إنّ اتصالك بالعلامة الجليل الشيخ محمد جواد مغنية كلّه فائدة فهو اليوم من كبار المجتهدين من الذين يؤلفون لعصرهم ويختارون الأجود فالأجود والأحسن فالأحسن وبالأمس أتاني تحريرٌ من بعض الأصدقاء في المهجر يطلب مني أن أدلـّه على أحسن كتاب في فضائل أهل البيت ليطبعه على نفقته بشرط أن يكون ملائماً لروح العصر فاستشرت صديقنا العلاّمة الشيخ محمد جواد مغنية فدلـّني على كتاب له ألـّفه في فضائل أهل البيت واسمه "أهل البيت" ولعلكم قرأتموه واقترح عليَّ أن أحذف منه بعض الفصول التي لا علاقة لها بالموضوع وأن نضيف إليه كتاب "علي والقرآن" فوافقته على اقتراحه الجميل وبذلك يخرج للعالم العربي كتاب ممتع يقرأه بشوق ولهفة المسلم والمسيحي لما فيه من عذوبة الأسلوب والمعاني والروابات… (في 26/4/1960م).

فهذه الرسائل مع الكثير من مثيلاتها تـُثبت ما قدّمناه سابقاً من كثرة المراسلات والمحاورات واللقاءات التي جرت بين علماء الجبلين.

  • 1 اختصرنا من هذه الرسالة موضع الحاجة وهي مؤرخة في 11 / 1 / 1960.
  • 2 اختصرنا من هذه الرسالة موضع الحاجة وهي مؤرّخة بنفس التاريخ المذكور أعلاه.